احتضنت فعاليّات معرض الرّياض الدّولي للكتاب 2025، ندوةً بعنوان “التُّراث العربيُّ بعيونٍ معاصرة”، استضافت الأستاذ الدّكتور معجب العدواني، أستاذ النَّقد والنَّظريّة في قسم اللغة العربيّة وآدابها بجامعة الملك سعود، وناقشت سُبل قراءة التُّراث العربيّ في سياق الحداثة وإمكان توظيفه في فَهم الحاضر وصياغة المستقبل الثَّقافيّ، بحضور عددٍ من المثقَّفين والباحثين والمهتمِّين بالثَّقافة العربيّة.
واستهلَّ العدوانيُّ حديثه بتأكيد أهمَّية التَّعامل مع التُّراث بوصفه مكوّنًا أساسيًّا في بناء الهويّة الفكريّة، موضحًا أنَّ العلاقة معه ينبغي أن تقومَ على الفَهم والتَّحليل النَّقديّ، لا على التَّكرار أو القطيعة.
ولفت إلى أنَّ الاتّجاهات الفكريّة العربيّة تنوَّعت في مُقاربتها للتُّراث بين مَن يسعى إلى إحيائه ومَن يَربطه بالتَّجديد، داعيًا إلى بناء رؤيةٍ متوازنةٍ تتيح الاستفادة منه ضمن إطارٍ معاصر يستجيب لتحوُّلات الحاضر.
وتناول نماذجَ من المفكِّرين العرب الذين أثرَوا النِّقاش حول التُّراث مثل محمَّد عابد الجابريّ وعبد الله العرويّ، مبيّنًا أنّ هذا الحوار ظلّ قائمًا بين الاتّجاه الإحيائيّ والاتّجاه الحداثيّ، وأنَّ تجاوزَه يتطلَّب قراءةً تحليليَّةً تستكشف ما يُمكن توظيفه في تطوير الفكر العربيّ، مضيفًا أنَّ الأدبَ العربيَّ الحديثَ قدَّم أمثلةً متعدِّدةً على هذا التَّفاعل، مثل أعمال نجيب محفوظ والطَّيب صالح التي استندت إلى الموروث في معالجة قضايا الإنسان والمجتمع.
ورأى العدواني أنَّ استحضار التُّراث في المشهد الثَّقافيّ المعاصر يُمثِّل وسيلةً لتوسيع الفَهم الإنسانيّ وتعزيز الإبداع، مؤكِّدًا أنَّ رؤية المملكة 2030 تضع التُّراث ضمن أولويَّاتها، بوصفه ركيزةً للتَّنمية الثَّقافيَّة، وداعيًا إلى تفعيله في التَّعليم والبحث والإنتاج الثَّقافيّ.
وشهدت النَّدوة نقاشاتٍ من الحضور تناولت علاقةَ التّراث بالتِّقنيَّة الحديثة ودور الذَّكاء الاصطناعي في حفظ الموروث العربيّ ونشره، وعلَّق العدواني بأنَّ الأدوات الرَّقميَّة تُتيح فرصًا جديدةً لخدمة التُّراث، لكنَّها تحتاج إلى إشرافٍ معرفيٍّ يَضمن دقَّة المحتوى ويحافظ على أصالته.
واختُتمت النَّدوةُ بتأكيد أنَّ التُّراث العربيَّ يمثِّل أساسًا لبناء الوعي الثَّقافيّ الحديث، وأنَّ التَّعامل معه بعقلٍ نقديٍّ يُسهم في تحقيق التَّوازن بين الأصالة والتَّجديد.
يُذكر أنَّ معرض الرِّياض الدّولي للكتاب 2025 يُقام حتّى تاريخ 11 من أكتوبر الجاري بحرمِ جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرَّحمن، تحت شعار “الرّياض تقرأ”، وتُنظِّمه هيئةُ الأدب والنَّشر والتَّرجمة.