صالحه آل بيهان القحطاني
في عمق جبلٍ صخريّ قرب مدينة قم الإيرانية، يقع مفاعل فوردو النووي، أحد أكثر منشآت إيران سرية وتحصينًا. هذا الموقع الذي لطالما أثار قلق المجتمع الدولي، تحوّل مؤخرًا إلى مسرح للتوتر بعد تقارير عن قصف أمريكي استهدفه ضمن تصعيد عسكري متجدد
ماذا نعرف عن مفاعل فوردو؟
أنشئ فوردو عام 2006 بعيدًا عن أعين الأقمار الصناعية، تحت الأرض وداخل جبل، بعمق يتجاوز 80 مترًا، بهدف جعله مقاومًا لأي ضربة جوية محتملة. المفاعل بدأ بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20%، قبل أن تُعاد هيكلته في إطار الاتفاق النووي لعام 2015، ليقتصر على الأبحاث.
لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018، أعادت إيران تشغيل المفاعل وبدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة تجاوزت 60%، ووصلت في إحدى المرات إلى عتبة 83.7%، وهو مستوى قريب من الاستخدام العسكري
️ الضربة الأمريكية: قنابل كاسرة للصمت
في تطور خطير، أعلنت تقارير استخبارية أن الولايات المتحدة استخدمت طائرات الشبح B‑2، وقنابل ضخمة من طراز GBU‑57 (المعروفة باسم “كاسحات الملاجئ”)، لاستهداف فوردو. القصف نُفّذ بعد ضربات إسرائيلية طالت مواقع أخرى كـ”ناتنز” و”أصفهان”.
ورغم أن طهران لم تؤكد رسميًا تفاصيل الهجوم، إلا أن وكالة الطاقة الذرية أبلغت عن اضطراب في مستويات السلامة النووية بالموقع، ما أثار تساؤلات حول مدى الضرر الحقيقي الذي أصاب المنشأة
هل تغيّرت معادلة الردع؟
استهداف فوردو – المعروف بصموده البنيوي الفريد – يمثل تحولًا نوعيًا في الاستراتيجية العسكرية، ويطرح علامات استفهام كبرى:
• هل دخلت واشنطن مرحلة استهداف البنية النووية الإيرانية بوضوح؟
•وهل بات فوردو هدفًا مشروعًا بعد تجاوزه الخطوط النووية الحمراء؟
وما ردّ إيران المحتمل على مثل هذا التصعيد النوعي
فوردو.. رمز أكثر من كونه مفاعل
المفاعل لم يكن مجرد منشأة تقنية، بل ورقة سياسية بامتياز، ورمزٌ إيراني للصمود والردع. ضربه لا يعني فقط تقييد التخصيب، بل هو رسالة سياسية واضحة، تقول فيها واشنطن: “لا حصانة لأي موقع نووي”.
لكن في المقابل، هل يُشعل ذلك فتيل مواجهة مفتوحة؟
الإجابة رهن الأيام القادمة، والمواقف الإيرانية القادمة
ختاماً
العيون تتجه إلى ما تحت الجبل ، بين الجبال، وبين العواصم الكبرى، يتقاطع ملف فوردو النووي مع مستقبل الأمن الإقليمي.
فكل خطوة تخصيب، وكل قصفٍ من الجو، قد يُعيد تشكيل المشهد بأكمله .