فايزة صديق – مكة المكرمة
نظّم نادي سيدات الفكر أمسية أدبية ثرية استضاف خلالها الأديبة والروائية أميمة الخميس في لقاء حواري بعنوان:
“بين مدن العقيق وآل مشرق… عوالم تتقاطع”،
وذلك بحضور نخبة من سيدات الفكر والثقافة، ضمن فعاليات النادي الثقافي و«بيت الرواية» الذي يهدف إلى الاحتفاء بتجارب الكتّاب السعوديين وترسيخ الحوار الأدبي حول الإبداع المحلي.
وفي مستهل اللقاء، رحّبت الأستاذة بالحضور، قبل أن يتنوّع الحوار بين محاور فكرية وسردية تناولت تجربة الخميس منذ روايتها “مسرى الغرانيق في مدن العقيق” — التي حازت اهتمامًا نقديًا واسعًا — وصولًا إلى روايتها “عمة آل مشرق” التي واصلت فيها بناء عالمها الروائي الزاخر بالرموز والفضاءات اليمامية.
وتناول النقاش كيفية تخلّق فكرة الروايتين في ذهن الكاتبة، ودور إقليم اليمامة كبعد جغرافي وثقافي يجسّد هوية المكان ويعيد تعريف الانتماء إليه، بوصفه جسرًا سرديًا يربط بين الواقع والرمز، والتاريخ والأسطورة. كما ناقش الحضور العلاقة بين المكان والهوية، وكيف أسهمت اللهجة والطبيعة في تشكيل روح السرد وإبراز الصوت السعودي في الكتابة الروائية.
وامتد الحديث إلى دور الراوي والذاكرة الجمعية، وكيف تُصبح الشخصيات مرآة لتحولات الزمن والمكان، إضافة إلى المقارنة بين الرموز الدينية والتاريخية في مسرى الغرانيق، والبنية الأنثوية والعائلية في عمة آل مشرق. كما طُرحت تساؤلات حول حضور الأسطورة في السرد، وما إذا كانت تُستخدم لفهم الحاضر أم للهروب منه، وحدود التداخل بين الواقعي والمتخيّل في إعادة بناء الأحداث.
وفي مداخلتها، أكدت أميمة الخميس أن اللغة المحلية والتفاصيل اليومية تشكّل جزءًا أصيلًا من ملامح تجربتها السردية، مشددةً على أن العلاقة بين الواقع الروائي والواقع الاجتماعي هي ما يمنح النص صدقه وتأثيره. وأضافت أن الناقد الحقيقي هو من يمنح النص حياةً أخرى بعد النشر، معتبرةً أن النقد البنّاء شريكٌ في دورة الإبداع لا خصمٌ لها.
وعند سؤالها عمّا يبقيها تكتب، أجابت الخميس بابتسامتها المعهودة:
“الكتابة هي الوطن الذي لا يضيق بي، وهي الوسيلة التي أُعيد بها خلق العالم كما أراه.”
وفي ختام الأمسية، قدّمت الأستاذة نوف الرويسان من نادي سيدات الفكر الثقافي تكريمًا لكل من الدكتورة زينب الخضيري والدكتورة أميمة الخميس، تقديرًا لإسهاماتهما الثقافية والفكرية ودورهما الملهم في إثراء المشهد الأدبي السعودي.
واختُتم اللقاء بكلمة مؤثرة لخميس قالت فيها:
“الكتابة ليست مهنة، إنها حياة موازية نكتب فيها ما نعجز عن قوله في الواقع.”
