مقال بقلم الاعلامية و الكاتبة / سمو العتيبي بعنوان (( أم الأيتام وابنة المسنين ))

امرأةٌ لا تُعرّف بالألقاب، بل تُعرّف بما تزرعه من حب، وما تتركه من أثر، وما تنسجه من دفء في قلوب من حولها.

صاحبة السمو الملكي الأميرة الدكتورة أضواء بنت فهد بن سعد بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود. تُعد من أبرز الشخصيات النسائية في المملكة العربية السعودية في مجال العمل الخيري والاجتماعي، حيث كرّست حياتها لخدمة الفئات الأكثر احتياجًا، وخصوصًا ذوي الإعاقة، الأيتام، والمسنين.

تشغل سموها منصب رئيسة مجلس إدارة جمعية أضواء الخير الاجتماعية، وهي جمعية مرخصة تهدف إلى نقل الفرد من الاحتياج إلى الإنتاج، من خلال التمكين والتأهيل والتوظيف، خاصة لفئة ذوي الإعاقة الحركية.
وإلى جانب رئاستها لجمعية أضواء الخير، تتولى الأميرة أضواء عدة مناصب دولية وإنسانية، منها: نائب ثانٍ لرئيس الاتحاد العربي للتضامن الاجتماعي، التابع لجامعة الدول العربية، وعضو دائم مدى الحياة في المنظمة الفيدرالية لأصدقاء الأمم المتحدة، تكريمًا لمساهماتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
عملت في مجال التطوع لأكثر من (١٢) عاما، وهي الرئيس الفخري لصحيفة الساحات العربية. وقد حصلت هذا العام على جائزة امتنان فرع رحمة في دورتها الأولى ٢٠٢٥م، ضمن جوائز الأميرة صيتة للتميز في العمل الاجتماعي.

في فعالية مملكتي.. مكنتني في الدرعية العام الماضي والتي نظّمتها جمعية أضواء الخير الاجتماعية احتفاءً باليوم الوطني السعودي 94، كان لي شرف اللقاء الأول بسموها، في يومٍ وطنيٍّ بأجمل صورة أعلامٌ ترفرف، وأرواحٌ تحتفل، وقلوبٌ تنبض بالحب. لكن المشهد الأجمل كان أولئك الأطفال من ذوي الإعاقة وهم يلتفون حول سموها، يتسابقون إلى حضنها، كأنهم وجدوا فيها الوطن الذي يُحبهم كما هم، ويمنحهم من الحنان ما يعجز عنه الكلام.
والأمهات يهتفن بالدعاء لها، والقلوب كلها تنحني احترامًا لتواضعها وإنسانيتها. لم تكن مجرد رئيسة جمعية، بل كانت قلبًا نابضًا بالرحمة، وصوتًا للذين لا صوت لهم.

مبادرة مملكتي.. مكنتني لم تكن فعالية عابرة، بل كانت إعلانًا عن رؤية إنسانية عميقة، تهدف إلى دمج ذوي الإعاقة في المجتمع، وتعزيز الانتماء الوطني، وتوعية الأسر بقيم التلاحم والتكافل. كانت سمو الأميرة حاضرة بكل تفاصيلها، بكلمتها التي لامست القلوب، وبحضورها الذي منح للمكان معنىً أعمق من الاحتفال. لم يكن الحفل مجرد مناسبة، بل كان حكاية انتماء، ومشهدًا من مشاهد التلاحم الوطني، حيث اجتمع ذوو الإعاقة والأسر والأمهات، في لوحةٍ إنسانيةٍ لا تُنسى.
ثم اعتلت المنصة سمو الأميرة، بكلمةٍ كانت كأنها دعاءٌ للوطن، ووصيةٌ للرحمة، ورسالةٌ للتمكين.
كلماتها لم تكن خطابًا، بل كانت نبضًا وطنيًا، يلامس كل من حضر، ويُشعرهم أن الوطن لا يُقاس بالحدود، بل بمن يحتضن أبناءه، ويمنحهم فرصة الحياة الكريمة.
توالت الفعاليات كأنها فصول من رواية حب للوطن والإنسان. مسيرة لذوي الإعاقة، عرضة نجدية، فيلم وثائقي عن الجمعية، بوثات للحرف اليدوية، أركان توعوية، عيادة ميدانية، تعليم بالترفيه، وضيافة تُشبه كرم أهل نجد.

سمو الأميرة لا ترى العمل الخيري مجرد واجب، بل تعتبره رسالة حياة. فهي محاربة لمرض السرطان، وأم للأيتام، وابنة للمسنين، وصديقة لأطفال مرضى السرطان. تؤمن بأن العطاء لا يتوقف، وأن المسؤولية والاحترام والشفافية هي ركائز العمل المجتمعي الناجح وتحرص سموها على الوجود الميداني، مؤكدة أهمية دعم المبادرات التي تعزز التكافل المجتمعي والاستدامة.

بالأمس، أعلن مكتبها الخاص تعرضها لوعكة صحية، ثم طمأننا بأنها تتماثل للشفاء. وها نحن، نرفع أكفّ الدعاء أن يمنّ الله عليها بالعافية، وأن يُعيدها إلى ميادين العطاء، فهي ليست فقط أميرةً في نسبها، بل أميرةٌ في خُلقها، في عطائها، في إنسانيتها التي لا تُقاس.

مثل ما نحتفل بالوطن، نحتفل بمن يجعلونه أكثر دفئًا، أكثر عدالة، أكثر حبًا. وسمو الأميرة أضواء آل سعود واحدة من هؤلاء. دمتِ لنا ، ودامت أضواءكِ تضيء دروب من يحتاجونكِ، ودامت مملكتنا بكِ مُمكنةً، مُضيئةً، مُلهمةً.

زر الذهاب إلى الأعلى