ورشة بمعرض الرياض حول مسيرة الكاتب المحترف

الرياض- سمو العتيبي

احتضن معرضُ الرّياض الدّولي للكتاب 2025، الذي تُنظِّمُه هيئةُ الأدب والنَّشر والتَّرجمة ويستمرُّ حتَّى الحادي عشر من أكتوبر الجاري، ورشةَ عملٍ بعنوان “رحلة الكاتب من أوَّل سطر إلى الاحتراف”، قدَّمتها الكاتبة رزان العيسى، إحدى خرِّيجات برنامج حاضنة الكتاب التَّابع للهيئة، التي أصدرت مؤخَّرًا عملَها الأدبيّ الأوَّل.
وركَّزت العيسى خلال الورشة على نقلِ تجربتها الشَّخصيَّة ومسارها من الهواية إلى الاحتراف، مؤكِّدةً حرصها على تجنُّب النَّصائح العامَّة، والاعتماد بدلاً من ذلك على تتبُّع مسيرةِ كبار الأدباء للوقوف على أسباب نجاحهم، وكيف تمكَّن كلٌّ منهم من ترك بصمتِهِ الخاصَّة في المشهد الأدبيّ العالميّ.
وقالت إنَّ الكاتب الحقيقيّ “ينبغي أن يكون وسط النَّاس لا بعيدًا عنهم”، موضحة أنَّ الانعزال هو “أسوأ ما يمكن أن يعيشَهُ الأديب”، لأنَّ التَّجارب الحياتيَّة هي الوقود الأوَّل للخيال والإبداع.
واستشهدت بتجاربَ عالميَّةٍ مثل جورج أورويل مؤلِّف مزرعة الحيوان، الذي خاض تجارب إنسانيَّة قاسية بين الحرب والعمل اليدويّ قبل أن تُثمرَ كتاباتُه عن واحدةٍ من أعظم الرِّواياتِ الرَّمزيَّة في التَّاريخ، وكذلك نجيب محفوظ الذي عاش سنواتٍ بين المقاهي والشَّارع ليتأمَّل النَّاس قبل أن يكتب ثُلاثيَّتَه الشَّهيرة.
وفي محور الورشة، تناولت العيسى خطواتِ بناء القصَّة والرِّواية، بدءًا من تخطيط الشَّخصيَّات وتحديدِ نوع الرَّاوي، وصولاً إلى بناء الصِّراع وتطوُّر الأحداث. وأشارت إلى أنَّ بعضَ الكُتّاب يبدؤون الكتابةَ بشكلٍ عفويٍّ، ويُفضِّل آخرون وضعَ مخطَّطٍ تفصيليٍّ للأحداث قبل الشُّروع في الكتابة.
واستعرضت نماذجَ متعدِّدةً مثل رواية “عدَّاء الطَّائرة الورقيَّة” التي بدأت قصَّةً قصيرةً قبل أن تتحوَّل إلى رواية، والكاتب السّعوديّ عبده خال الذي انتقل من كتابة القصَّة القصيرة إلى عالَم الرِّواية بخبرةٍ متراكمة.
وأكَّدت أنَّ قراءة السِّيَر الذَّاتيَّة للأدباء العالميِّين تساعد الكاتبَ المبتدئ على اكتساب حسِّ التَّجربة والوعي الفنّيِّ، مستشهدة بمقولة محمَّد الجواهري “الكاتب الحقّ إنسانٌ حسّاسٌ يلتقط كلَّ المواقف مِن حوله”، مشدِّدة على أنّ الكاتب الذي لا يشعر ولا يلتقط “لن يجدَ مَن يشعرُ معه”.
كما عرضت الورشةُ رؤًى لكُتّاب عالميِّين حول طقوس الكتابة والانضباط الفنّيّ، فذكرت نصيحةَ غابرييل غارسيا ماركيز بعدم البَوح بالعمل حتَّى يكتمل، وتجربة تولستوي في كتابة آنا كارنينا على شكلِ حلقاتٍ، وخطّة راي برادبري لكتابة روايةٍ كاملةٍ خلال أسبوع واحد من العمل المكثَّف، إضافة إلى نصيحة جورج آر. آر. مارتن بوضع العمل جانبًا لثلاثة أشهرٍ قبل مراجعته لتقييمه بموضوعيَّة.
وفي ختام الورشة، شدَّدت العيسى على أنَّ الكاتب يُصنع عبر تراكم التَّجارب والقراءات، مضيفة: “الفكرة قد تتولَّد وسط زحامِ يومٍ أو أثناء المشي، المهم أن نمنحَها الوقتَ لتنضجَ وتكتسبَ ملامحها الخاصَّة”.
وشهدت الورشةُ حضورًا وتفاعلًا واسعًا من الجنسين ضمن فعاليّات المعرض التي تمثّل جزءًا من الجهود المستمرَّة لصناعة جيلٍ جديد من الكُتّاب الشّباب، وسط زخم الكتب وعناوين المعرفة التي يزدان بها المعرض هذا العام تحت شعار “الرّياض تقرأ”.

زر الذهاب إلى الأعلى