مقال للكاتبة والإعلامية / سمو العتيبي بعنوان (( العِبْرة في العرب ))

في واشنطن، حيث تتوشح الأشجار بأعلامٍ خضراء وبيضاء، وتتنفس الجدران نغمةً عربيةً أصيلة، يقف البيت الأبيض على أعتاب لحظةٍ غير مسبوقة. ليست زيارة بروتوكولية عابرة، بل مشهدٌ يُجسد تاريخًا طويلًا من الصبر والعزم، ويعلن أن العرب قد عادوا إلى المسرح العالمي بوجهٍ جديد، وبهامةٍ مرفوعة.

ها نحن العرب، رغم كل الأحداث التي شهدها العالم أجمع، وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص، أحداث غرست فينا عِبْرة، وأحداث آلمتنا وسلبت منا عَبْرة، واليوم صنعنا لأنفسنا منها جسراً من الفولاذ، وها نحن نعبر عَبْرة. لم نعد صفحةً بيضاء يرسمها الآخرون، بل  صرنا كتابًا مكتوبًا بحبر الهوية، وسِفرًا يقرأه العالم بإعجابٍ ودهشة.

زيارة ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله إلى واشنطن ليست مجرد حدث سياسي؛ إنها قصيدة تُلقى على مسامع العالم، بيتها الأول في الرياض، وقافيتها في البيت الأبيض. هي إعلانٌ أن القوة لم تعد سيفًا يلمع في الهواء، بل عِلمًا يضيء العقول، وصناعةً تبني الحضارات، ونظامًا يزرع الاستقرار.

في الحديقة الجنوبية، حيث ستُطلق المدفعية تحيةً رسمية، سيقف التاريخ شاهدًا على أن العرب لم يعودوا ضيوفًا في العالم، بل شركاء في صياغة ملامحه. وفي قاعة الطعام الكبرى، حيث يتبادل القادة كلمات الترحيب، سيُكتب فصلٌ جديد من علاقةٍ تتجاوز البروتوكول لتلامس جوهر المكانة.

أيها العرب، انهضوا، فهذا الزمان زمانكم. لا تدعوا الترقب يثقل خطاكم، بل اجعلوا من كل لحظةٍ درسًا، ومن كل تحدٍّ فرصةً، ومن كل عبْرةٍ بدايةً جديدة. فالبستان الجميل لا يخلو من الأفاعي، ومع ذلك يظل الأمل شجرةً باسقةً في قلبه.
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ
وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
العبرة في العرب، والعبرة بالخواتيم.

زر الذهاب إلى الأعلى