حين يتحوّل الألم إلى إلهام… حكاية مطلق السلطان مع السرطان والصبر والإيمان

الرياض_ روزان المطيري

من المعاناة تولد الرسالة

في عالمٍ يمتلئ بالضجيج، يختار بعض المؤثرين أن تكون أصواتهم جسورًا للبهجة والمرح، بينما يختار آخرون أن تكون حكاياتهم نورًا يبدد العتمة.

ومن بين هؤلاء يأتي مطلق السلطان، الذي حوّل تجربة عائلته مع مرض السرطان إلى رسالة وعيٍ وصبرٍ وإيمان.

ينتمي مطلق إلى عائلة عانت من هذا المرض الخبيث، مرضٍ لا يصيب الجسد فقط، بل يختبر قوة الروح وصلابة الأسرة.

فقد والده – رحمه الله – بسبب السرطان، وعاشت شقيقته وشقيقه تجربة مؤلمة مع المرض قبل أن يمنّ الله عليهم بالشفاء.

تلك التجارب لم تمرّ مرور العابرين، بل تركت أثرًا عميقًا في قلبه، وجعلته أكثر وعيًا بمعاناة المرضى وذويهم.

مطلق السلطان:

“أصعب ما في المرض ليس فقط ما يعانيه المريض من ألمٍ جسدي، بل ذلك الخوف الصامت من المجهول، ذلك الوجع القادر على هدم الإنسان من الداخل.

الأسرة يتعذبون كما يتعذب المريض، لكن بشكلٍ مختلف، بشكل العجز، حين يرون من يحبونهم يذوبون أمام أعينهم دون أن يستطيعوا فعل شيء سوى الدعاء.”

المرأة… صبرٌ يُلهم وقوة تتحدى

ومن التجارب التي غيّرت نظرته للحياة، اعتقاده السابق بأن المرأة أضعف في مواجهة المرض، خاصة حين تفقد شعرها أثناء العلاج الكيماوي، وما يرافق ذلك من تأثير نفسي.

لكنه اكتشف العكس تمامًا حين رأى رجالًا يصارعون السرطان، فلاحظ أن وقع التجربة واحد، بل وجد أن المرأة أقوى لأنها تُخفي ضعفها خلف عطائها وصبرها، وتمنح الأمل لمن حولها رغم الألم.

وهذا عن تجربته مع محاربة هذا المرض بين أسرته، تجربة تمتد لخمسة عشر عامًا.

ويقول مطلق:

“قوة المرأة ليست في مظهرها، بل في عطائها.

حين تتظاهر بالأمل، لا تفعل ذلك لنفسها فقط، بل لتحمي من تحب من الخوف والانكسار.

أختي كانت محاربة شجاعة انتصرت برحمة الله سبحانه وتعالى.

أعتقد أن قوة النساء دائمًا تكمن في رحمتهن وصبرهن… وأنا فخور بها.”

الوعي والوقاية… طريق النجاة

لم تقف رسالة مطلق عند حدود المشاعر، بل امتدت إلى التوعية الصحية، إذ يؤكد دائمًا على أهمية الفحص المبكر ودراسة الجينات الوراثية داخل العائلة، خاصة حين يكون المرض متكرراً بين أفرادها.

فالكشف المبكر – كما يقول – هو مفتاح النجاة بعد الله سبحانه وتعالى، والوقاية خيرٌ من العلاج.

كما أشاد مطلق بالجهود الكبيرة التي تقدمها وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية تجاه مرضى السرطان، وبالدور الفاعل للجمعيات المختصة في دعمهم ورعايتهم.

ودعا زملاءه من المؤثرين إلى أن يكونوا قوة إيجابية حقيقية في هذا المجال، لا مجرد ناقلين للقصص بهدف المشاهدات.

وقال مطلق:

“هذا الموضوع ليس لجلب التعاطف أو اللعب في مشاعر الناس، بل هو قضية إنسانية بحتة، فالسرطان قد يصيب أي إنسان بلا استثناء.”

الإنسانية قبل الظهور

وأكد مطلق السلطان أن الإنسانية يجب أن تنتصر على حب الظهور، وأن من لم يعرف هذا الألم ربما لا يدرك عمقه، أما من عاش التجربة أو رأى أحبته يتألمون، فهو وحده يعلم أن هناك أشياء لا تُشترى بالمال.

كما أشاد في ختام حديثه بجهود هيئة الإعلام المرئي والمسموع في فرض ضوابط جديدة تنظم ظهور المؤثرين في وسائل الإعلام، لحماية المجتمع من استغلال معاناة الآخرين، مؤكدًا أن هذه الخطوات تعزز من قيم المسؤولية والرحمة في الفضاء الإعلامي.

كلمة أخيرة

 مطلق السلطان:

“أيًّا كان مجالك — اقتصاديًا، أو قانونيًا، أو إعلاميًا — اجعل الجانب الإنساني هو وجهك الثابت،

فهو الجانب الذي يظهر بغتةً دون إنذار، ويمنح للحياة معناها الحقيقي.”

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى