دراسة «ريفربيد»: الانفاق السعودي على مشاريع الذكاء الاصطناعي يرتفع بنسبة 160% مع تسارع التحوّل الاستراتيجي للمؤسسات في مجال تكنولوجيا المعلومات

زبيدة حمادنة 

تشهد المؤسسات في المملكة العربية السعودية تسارعاً ملحوظاً في استثماراتها بمجال الذكاء الاصطناعي، لترسّخ مكانة المملكة بين الأسواق الأكثر تطوراً رقمياً ضمن سبع دول شملتها دراسة عالمية جديدة أصدرتها شركة “ريفربيد”، الرائدة عالمياً في حلول الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات والرصد.

وكشفت الدراسة العالمية التي أجريت في عام 2025 وحملت عنوان “مستقبل عمليات تقنية المعلومات في عصر الذكاء الاصطناعي” أن حجم الاستثمارات السعودية في تقنيات الذكاء الاصطناعي ارتفع بنسبة تقارب 160% على أساس سنوي. كما أظهرت الدراسة أن أكثر من ربع المؤسسات السعودية (26%) استثمرت ما يزيد على 50 مليون دولار أمريكي في مبادرات الذكاء الاصطناعي خلال العام الماضي، مقارنةً بمعدل وسطي بلغ 18% فقط في الأسواق الأخرى التي شملها الاستطلاع.

وأظهرت نتائج الدراسة زخماً قوياً ينعكس في عوائد ملموسة على المؤسسات السعودية، إذ عبر 36% من المشاركين عن كامل جاهزيتهم لتطبيق استراتيجيات الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن، بينما توقّع 78% بلوغ الجاهزية الكاملة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.

كما أشار أكثر من نصف المشاركين (55(%إلى أن عوائد الاستثمار في مشاريع الذكاء الاصطناعي لعمليات تقنية المعلومات تجاوزت توقعاتهم، في حين أوضح 38% أنهم حققوا الأهداف المحددة مسبقاً، ما يعكس الثقة المتزايدة في دور الذكاء الاصطناعي كعامل رئيسي في تحقيق الكفاءة التشغيلية والنمو المؤسسي المستدام.

ويقف التركيز المتزايد على إدارة البيانات وسهولة الوصول إليها وراء هذا النجاح الملحوظ، إذ تعمل نحو ثلثي المؤسسات السعودية (63%) على تطوير استراتيجيات بيانات شاملة لدعم مبادرات الذكاء الاصطناعي على مستوى المؤسسة بأكملها.

ويعكس الاعتماد الواسع على خدمات الحوسبة السحابية مدى نجاح أجندة التحول الرقمي في المملكة، وقدرتها على استقطاب استثمارات كبرى الشركات العالمية في مجال الحوسبة السحابية، مثل مايكروسوفت وخدمات أمازون ويب وغوغل وأوراكل، التي ضخت مليارات الدولارات لإنشاء مراكز بيانات سحابية عالمية المستوى داخل المملكة.

وبحسب الدراسة، تُخزَّن حالياً بيانات الذكاء الاصطناعي في بيئات السحابة العامة بنسبة 31%، وداخل مراكز البيانات المؤسسية بنسبة 27%، وفي السحابة الخاصة بنسبة 25%، إلا أنه من المتوقع أن يتراجع الاعتماد على البيئتين الأخيرتين خلال السنوات الثلاث المقبلة، مع توجّه المؤسسات نحو الحوسبة الطرفية عبر الفروع ومراكز الخدمات اللوجستية والمصانع، بما يتيح عمليات أسرع وأكثر ذكاءً وكفاءة.

ومع تسارع وتيرة تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت إدارة الأداء والرصد الشامل عاملاً محورياً في ضمان نجاح المؤسسات. وكشفت الدراسة أن المؤسسات السعودية تستخدم حالياً نحو 13 أداة من 9 مزوّدين مختلفين لمراقبة عمليات تكنولوجيا المعلومات، إلا أن 98% منها تعمل على توحيد هذه الأدوات بهدف تبسيط العمليات التقنية ورفع كفاءة الأنظمة. كما أجمع 95% من المشاركين على أن اعتماد منصة موحدة للرصد سيساعد الفرق التقنية على الكشف عن المشكلات التشغيلية ومعالجتها بسرعة أكبر. وأظهرت النتائج أن تحسين الإنتاجية أصبح أولوية تفوق خفض التكاليف، في مؤشر إلى تحول استراتيجي قائم على الأداء والكفاءة التشغيلية.

وسلّطت الدراسة الضوء أيضاً على الدور المحوري لأدوات الاتصال الموحد في بيئات العمل الحديثة، إذ يقضي قادة تقنية المعلومات نحو 45% من أسبوعهم المهني في استخدام هذه التطبيقات والأدوات. كما بيّنت أن 17% من تذاكر الدعم الفني تتعلق بأنظمة الاتصال الموحد، ويستغرق حل كل تذكرة نحو 40 دقيقة في المتوسط، ما يدفع المؤسسات إلى الاستثمار في حلول مراقبة أكثر تقدماً لتعزيز كفاءة العمل وضمان استمرارية الأداء دون انقطاع.

كما أظهرت الدراسة أن المؤسسات السعودية تتجه بشكل متزايد نحو تبنّي إطار عمل مفتوح المصدر (OpenTelemetry)لتعزيز قدراتها في الرصد والأتمتة، إذ أكدت 39% من المؤسسات استخدامها له بالفعل، بينما تخطط 54% أخرى لتطبيقه خلال العامين المقبلين. وبيّن 98% من المشاركين أن إطار عمل «OpenTelemetry» يمثل خطوة محورية نحو تحقيق الأتمتة المعززة بالذكاء الاصطناعي، فيما شدد 95% على أهمية توحيد البيانات عبر التطبيقات والبنى التحتية وتجارب المستخدمين باعتباره عنصراً أساسياً في استراتيجية الرصد المؤسسي.

وفي هذا الصدد، قال معين زهر الدين، المدير الإقليمي الأول لمنطقة مجلس التعاون الخليجي في «ريفربيد»: ” تُعتبر المملكة العربية السعودية اليوم من أكثر أسواق الذكاء الاصطناعي حيوية على مستوى العالم، إذ تمهد المبادرات الحكومية الطموحة ومستويات الاستثمار القياسية الطريق أمام تحول رقمي متسارع. غير أن الاستفادة الكاملة من هذا الزخم تتطلب من المؤسسات تجاوز تحديات التنفيذ وتوسيع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي على مستوى المؤسسة بأكملها».

وأضاف: «نعمل في “ريفربيد” على تمكين عملائنا من تحقيق هذا الهدف من خلال حلول عملية للذكاء الاصطناعي تُنفذ ضمن استراتيجية مؤسسية متكاملة، تركز على تحسين التجارب الرقمية، ورفع كفاءة عمليات تكنولوجيا المعلومات، واستثمار الإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي اليوم وفي المستقبل».

وتؤكد دراسة «ريفربيد» أن المملكة العربية السعودية تنتقل بثبات من مرحلة التجربة إلى مرحلة التنفيذ الفعلي في تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي، مدفوعةً بـ استثمارات طموحة ونضج استراتيجي متنامٍ في هذا المجال.

ومع تسارع مسيرة التحول الرقمي في إطار رؤية السعودية 2030، تواصل المملكة ترسيخ مكانتها كنموذج عالمي رائد في تحقيق التكامل الفعّال بين الذكاء الاصطناعي والبيانات وإدارة الأداء المؤسسي، بما يعكس رؤيتها لبناء اقتصاد قائم على المعرفة والتقنية والابتكار.

زر الذهاب إلى الأعلى