حين هممت بالكتابة لم تكن الكلمات تبحث عن ورق، بل كانت تبحث عن نبض يشبهها، كانت الأفكار تلامس القلب فيكتب قبل القلم، عن وطن يسكن الحرف قبل أن يسكن الأرض.
عزنا بطبعنا – ليس مجرد شعار لليوم الوطني الخامس والتسعين، بل مرآة لروحنا، ولملامحنا الجميلة بطبيعتها.
ففي الثالث والعشرين من سبتمبر، لا نحتفل بتاريخ مضى، بل نحتفل بما بقي فينا منه، بما أورثنا من هوية، من انتماء، من شعور بالفخر، من طبعٍ نجد فيه عزنا. هو يوم نعيد فيه تعريف الحب، لا كعاطفة عابرة، بل كولاء متجذر، كامتنانٍ لا ينضب، وكدعاء لا ينقطع. الحب الحقيقي لا يظهر في لحظات القُرب فقط، بل يتجلى حين نغادر حدود الوطن، نسافر، نغترب، نحقق الأحلام، ونقف في مطارات العالم، نلمح شعار الخطوط السعودية، اللون الأخضر، النخلة، السيفين، فنشعر أن الوطن يلوّح لنا من بعيد، قائلًا: (اطمئن، أنا هنا، ستعود). لأننا ما إن نبتعد، حتى يغلبنا الحنين، وتشتاق لنا الأرض ونشتاقها. وفي العودة، حين تلامس الطائرة سماء السعودية، نشعر أن الغيم يحتضننا، وأن الأمان عاد إلينا، وكأن الأرض كانت تنتظرنا، وقد حفظت لنا مكانًا في حضنها لا يشيخ، حينها نعلم أن الدعاء الذي لم ينقطع قد وصل، وأن الولاء الذي تجذر في القلب لم يتخلف عنا، بل سبقنا.
وطني ليس خارطة تُرسم، بل نخلة تنمو في القلب، وسيفان يسكنان الروح، لا يكتمل بهما الأمان إلا حين نعود إليه. هذا الانتماء لا يُلقن، بل يُغرس، يُورث، يُنشد في طابور الصباح، وترفع له الراية لنحيا به.
أما القيادة فهي القلب النابض لهذا الوطن، حبهم العميق يسكن قلب كل سعودي، رجالا ونساء، كبارا وصغارا، لا يُملى ولا يُصطنع، نحبهم لأنهم لم يكونوا يومًا بعيدًا عن نبضنا، لأنهم آمنوا بنا، وراهنوا على طاقاتنا، فتحوا لنا أبوابًا كانت مغلقة، وأحلامًا كانت مؤجلة.
نحن السعوديات وجدنا في القيادة سندًا لا يُخذل، وظهيرًا لا يتراجع. التمكين لم يكن وعدًا، بل واقعًا نعيشه في كل فرصة، في كل منصب، وفي كل مساحة نُمنح فيها صوتًا وتأثيرًا. ولهذا حين نحتفل بالوطن نحتفل بالقيادة الحازمة، القوية، العادلة والحكيمة، التي آمنت بنا، واحتضنت طموحاتنا، وجعلتنا جزءًا من الحلم الكبير. حبنا لهم لا يُطلب، بل يُمنح، لأنهم مرآة لكرامتنا، وامتدادًا لأحلامنا، وضمانًا لأماننا بعد الله.
في يومنا الوطني، نجدد العهد والوعد، وندعو الله أن يحفظ هذا الوطن كما تحفظ الحرمين، وأن يديم رايته خفّاقة في سماء العزّ، فالوطن “أمانة في الرقاب”، و “ذمة في الأعناق”، لا يُغفل ولا يُهان.