دينا الخالدي _ القريات
في ليلةٍ تنفست فيها القريات عبق ماضيها، دشن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز، أمير منطقة الجوف، مهرجان “قريات الملح” السنوي في نسخته الأولى، وسط حضور رسمي وشعبي غمرته مشاعر الفخر والامتنان. أقيم الحفل في المركز الحضاري بمحافظة القريات بتنظيم من بلدية المحافظة، وكان في استقبال سموه وكيل الإمارة حسين بن محمد آل سلطان، ومحافظ القريات الدكتور طلال بن مشل التمياط، وعدد من المسؤولين.
وعلى منصة الحفل، ألقى أمين منطقة الجوف المهندس عاطف بن محمد الشرعان كلمةً استعرض فيها الدعم الكبير الذي يحظى به القطاع البلدي من القيادة الرشيدة -أيدها الله-، لتتوالى بعدها الفقرات التراثية التي لامست وجدان الحضور، من أبيات شعرية إلى “الدحة” والعرضة السعودية، وصولًا إلى أوبريت فني جسّد لوحات من الموروث الثقافي العريق للمحافظة.
ثم انتقل سمو أمير المنطقة لزيارة معرض منتجات الملح المصاحب للمهرجان، حيث تجوّل بين أركانه التي تحكي قصة استخراج الملح من قلب الأرض، وتعرض أساليب إنتاجه وتنوع استخداماته الاقتصادية، في مشهدٍ أعاد لذاكرة القريات مهن الأجداد وعرقهم المتجذر في أرض الملح.
ورصدت عدسة الساحات العربية حيث التقيت بعدد من أهالي القريات الذين عبّروا عن شكرهم العميق لسمو الأمير والمحافظ على هذه المبادرة التي أعادت الحياة لذكرياتهم، وأيقظت رمزية الموروث في نفوسهم. كما التقيت برائدات أعمال قدّمن نماذج مشرقة من المشاريع المحلية، وأبدين أمانيهن باستمرار هذا المهرجان لما له من أثر بالغ في دعم مشاريعهن وتسويقها.
وفاء أبو شامة، صاحبة متجر “منتجات أمي”، تحدثت بحماسة عن كيف ساهم المهرجان في تعريف الزوار بمنتجاتها للعناية بالشعر ، بينما عبّرت السيدة وسام العنزي، صاحبة “متجر الوسام للعطور”، عن فخرها بعرض عطورها المستوحاة من بيئة القريات. أما السيدة نوره الفندي، صاحبة “مطرزات الخُزامى”، فقد وصفت مشاركتها بأنها لحظة ذهبية جمعت بين الحرفة والهوية.
ومن بين المشاركات التي لامست القلوب، تحدثت إحدى مسؤولات مركز الوفاء عن مشاركة المركز في المهرجان، مشيرةً إلى أن هذه المبادرة أتاحت لهم فرصة ثمينة للتعريف بخدماتهم المقدمة لفئة متلازمة داون، وسهّلت الوصول للفئة المستهدفة، في مشهدٍ جسّد روح التكافل المجتمعي التي تتميز بها القريات.
كما التقينا بالمواطنة ريم العنزي، التي عبّرت بأسلوب عفوي جميل عن إعجابها الشديد، قائلةً: “المهرجان نقلة نوعية وكل شيء رائع جداً”، في تعبير صادق يعكس أثر الفعالية على الأهالي.
أما الدكتور مرزوق الخنجر، فقد روى لنا حكاية استخراج الملح كما كانت تُمارس في الماضي، مستعرضًا تفاصيل “المقايضة وهي الطريقة البديله عن النقود في تبديل الملح ببضائع اخرى كالحنطة والملابس وغيره ، بأسلوب سردي أعاد للأذهان صورًا من حياة الأجداد.
وفي مشهد حيّ، جسّد المواطن مسلم مبارك الحليبي، أحد أبناء محافظة القريات، عملية استخراج الملح بشكل كامل داخل حوض يُحاكي أحواض الملح في كاف، ليمنح الزوار تجربة بصرية وتفاعلية تنقلهم إلى قلب المهنة القديمة، وتُبرز مهارة الأيدي التي صنعت من الملح إرثًا اقتصاديًا وثقافيًا.
ووفقًا لرئيس بلدية القريات المهندس جمال بن عبدالدايم البلوي، فإن المهرجان يستمر لمدة عشرة أيام، ويضم مناطق متعددة لعرض منتجات الملح بأنواعها، إلى جانب فعاليات ثقافية وترفيهية تستهدف مختلف شرائح المجتمع، في احتفاءٍ متكاملٍ بالتراث والاقتصاد المحلي.



