تقرير إعلاميات الساحات :
ندى البليهي – مها الرميح – مها الشمري – مضاوي الشايقي
تغنى الشعراء في بهاء الجنوب ، ومن وادي الأشجان قديماً تغزلوا ، أرضُ حباها الله خضرةً ، وتنحدر من قمم الجبال مياهُ وتتكون الأعينُ .
فبمبادرةٍ كريمةٍ ودعوةٌ طيبة لفريق سعودية التراث من رجال هذه المحافظة ومنهم الأستاذ القدير محمد العسبلي أمين لجنة التنمية السياحية في محافظة النماص ، تم استضافة فريق سعودية التراث وذلك في يوم الجمعة الموافق 20 من شهر ذو الحجة لعام 1439 هـ ، وكان في استقبالهم مشكوراً الأستاذ القدير فهد الشهري موظف إدارة التعليم بالنماص ، كما تشكر سعودية التراث مدير التعليم الأستاذ القدير عبد الله بن قاسم على تعاونه ومبادرته الكريمة ، ورئيس بلدية محافظة النماص الأستاذ القدير يحيى خلوق على ما وجدوه من اهتمام ونظافة في المنتزهات والمرافق الملحقة بها ، والشكر الجزيل لمنتجع المطل على استضافته للفريق وما قدمه من خدمات طيلة أيام الرحلة .
النماص محافظة تقع في منطقة عسير على سلسلة جبال السروات، تمتاز بالطبيعة وبكثافة الغطاء النباتي، واعتدال المناخ صيفًا. ويسكنها قبائل بني شهر وبني عمرو، ويوجد في المدينة العديد من الخدمات الحكومية. وتقع النماص على الخط الإقليمي (الطائف – أبها) وتبعد عن مدينة الطائف جنوباً 450 كم وعن مدينة أبها شمالاً 150 كم .
أما من الناحية السكانية يبلغ عدد سكان النماص أكثر من 54 ألف نسمة.
يحد محافظة النماص من الشمال محافظة بلقرن ومن الشرق محافظة بيشة ومن الجنوب محافظة تنومة ومن الغرب محافظتي بارق و المجاردة . وتنقسم المحافظة من الناحية التضاريسية إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهي المنحدرات المطلة على سهل تهامة أو ما يسمى بالاصدار والسراة «جبال السروات» .
تأخذ درجة الحرارة فيها خلال فصل الصيف صفة الاعتدال حيث لا تتجاوز 28درجة مئوية في الأيام العادية، وذلك لارتفاعها الكبير عن سطح البحر والذي يصل إلى أكثر من 2500 متر. أما في فصل الشتاء فتتدنى درجة الحرارة كثيراً، وتصل أحياناً إلى الصفر المئوي في الشتاء بكثرة، ويغطيها الضباب بشكل كلي أو جزئي في أغلب أوقات السنة.
يتصف أهل محافظة النماص منذ القدم بالشجاعة والكرم والجود وحسن استقبال الضيف ، كما يوجد بها الكثير من الأماكن الأثرية والنقوش القديمة والمتاحف التراثية بما يقارب 22 متحف شخصي ، وتكثر فيها غابات شجر العرعر الطبيعية ، مما جعل للنماص طابع خاص ، خصوصاً مع وجود النمر العربي الذي تم اكتشافه في عام 2003 م .
2 / 6
اصعد على منكبي واستقل السحبا وعانق البرق وارقص في العلا طربا
أنا النماص ملاك الحسن أجمعه ( تاج الجزيرة ) كل يشهد اللقبا
الشم تسمو بفرسان الوغى قمماً والغيم يحكي سخائي حيثما وجبا
لنتدرج بالتفصيل عن تفاصيل هذه الرحلة الجميلة لهذه المحافظة الخلابة ، بجميع مناظرها الطبيعية التي يتخللها اللون الأخضر على جميع سفوح جبالها ، وجوها العليل في فصل الصيف .
متحف محافظة النماص :
توجهت سعودية التراث برفقة الأستاذ القدير فهد الشهري إلى مقر لجنة التنمية السياحية وهيئة السياحة والتراث الوطني للمحافظة ، وكان في انتظارهم الأستاذ الفاضل محمد العسبلي أمين لجنة التنمية السياحية ، حيث أعدت مأدبة غداء على شرف حضورهن ، بعد ذلك تم التجول في متحف محافظة النماص برفقة الأستاذ محمد مشكوراً ، وقام بشرح موجز عن المتحف الذي هو عبارة عن بيت قديم عمره ما يقارب الثلاث مائة سنة ، ويضم ما يقارب 1500 قطعة تراثية ، حيث ينقسم البيت إلى أربعة أدوار ، وتم إلقاء النظر على كل دور ، وما يحتوي من قطع تراثية متنوعة ، تخص المحافظة ما بين أدوات زينة وملابس نسائية ورجالية وأدوات زراعة وأدوات تستخدم في العادات اليومية ، بالإضافة إلى الأسلحة والذخائر. وطريقة بناء الأبواب التي تمتاز بها تقريباً المنطقة الجنوبية بكاملها ، وهي صغرها من ناحية الطول ، حيث توجد دعامة في أعلى الباب ، وعندما وجه السؤال للأستاذ الفاضل محمد العسبلي عن سبب بناء الأبواب بهذا الحجم ، أجاب مشكوراً من أجل الحماية .
قرية المقر التراثية :
توجه الفريق إلى زيارة لهذا المتحف الذي يلفت الأنظار ، في طريقة بناءه ، والزخرفة الأندلسية التي تزين جدرانه ، ويحق لصاحبه التباهي به إنه الأستاذ الفاضل محمد المقر الشهري ، الذي صحب الفريق في جولةٍ حول هذه القرية الخلابة التي تحمل فكر هندسي معماري عجيب ، يحاكي الفلك في قببه السبعة التي تمثل القارات ، بتكلفةٍ بلغت أكثر من ثمانين مليون ريال سعودي ، ومازال العمل جاري حتى إعداد هذا التقرير ، حيث تحدث صاحب المتحف عن احتياجه لباحثين في الآثار وأساتذة ، كي تقدر له قيمة المخطوطات وتاريخها كما أسلف لتدوينها بالشكل الصحيح ، إضافةً إلى حاجته لموظفين بالتعاون مع هيئة السياحة والتراث الوطني ، نظراً لما يحتويه المتحف من كنوز لا يقدرها ولا يحفظها إلا أبناء وطنه الكرام ، وهذه رسالةً موجهةً لهم لحفظ هذا الإرث الذي هو رمز اعتزاز وتقدير لهم .
3 / 6
وتأتي الأدوار متخذة من الحقب والأزمنة التاريخية موضوعا لها ليحل في مخيلتك امتداد عصور مختلفة في الماضي والحاضر ويحتوي الدور الأول والثاني على أكثر من (18) الف قطعه تراثيه،
فالأول يجسد حضارة الأندلس والعصر العباسي في فن الزخرفة والنقش، والثاني يختزل الحضارة الإسلامية من الصين شرقاً وحتى غرب أفريقيا، ليكتنز الدوران معاً 20 الف قطعة أثرية،
أما الثالث فيحتوي على سردٍ لتاريخ المخطوطات الإسلامية في الطب والفلك والرياضيات وعلوم الفرائض واللغة العربية والمذاهب الإسلامية.
ويعتبر القصر السجل الأول في التاريخ الإسلامي للمخطوطات المكتوبة باليد للقرآن الكريم، به أكثر من ألف مخطوطة قرآن كريم لألف عالم في ألف تاريخ مختلف ,,
وتحوي القرية التراثية أجنحة للسكن والإقامة، حيث بإمكانك الإقامة في هذه القرية التراثية لتنعم بالأجواء الصيفية النقية، التي تمتلكها النماص بأسعارٍ رمزية، هدف صاحبها إلى أن يستفيد السائح وسابر أغوار التاريخ بالإقامة في هذا المرتفع الجميل.
الغريب في الأمر أن موقع هذه القرية فلكي شمسي ، وفلكي قمري ، أي أن أشعة الشمس تنساب بجمال ملحوظ في جميع أدوار وقاعات هذا المتحف كذلك ضوء القمر ، كما يحتوي على 365 عمود تمثل أيام السنة ، وزين بأكثر من 3 مليون زخرفة إسلامية ، و 2 مليون حجر ، كما يوجد على سقفه أربعة أبراج فلكية ، إضافةً إلى وجود أجنحةٍ راقية مطلة على مواقع تعتبر من أجمل المواقع في العالم .
قرية آل نييح التراثية :
برفقة الأستاذ القدير فهد الشهري تم زيارة قرية آل نييح التراثية ، لتكون سعودية التراث شاهدة على تاريخ هذه القرية التي تميزت بالمحافظة عليها من قبل أهلها ، وإعادة ترميمها بالتعاون مع هيئة السياحة والآثار وبالشراكة مع بلدية محافظة النماص حيث يشكر أهالي هذه القرية الكرام هيئة السياحة والآثار والبلدية على ما قدموه لهم من إعادة إحياء لتراث أجدادهم وأباءهم ، ليفتخر به الصغير قبل الكبير . تمتاز القرية بوجود المنازل في الأعلى ، والمحلات التجارية والمجالس في الأسفل ، إضافةٍ إلى الحصن الذي يحمي القرية .
الجدير بالذكر أن النماص تحتضن العديد والكثير من مثل هذه القرى التراثية الأثرية ، ويطلق عليها بلهجة أهل النماص الخاصة ( منازل ) وتختلف من قريةٍ عن أخرى من حيث المساحة .
متحف الأستاذ الفاضل عبد الله ابن صوفان :
وبدعوةٍ كريمة من الأستاذ الفاضل عبد الله ابن صوفان لفريق سعودية التراث ، تم استضافة الفريق على مأدبة الإفطار الشعبي الذي تميز بالأطباق الشهية والشهيرة لدى أهالي هذه المحافظة الكرام ، تحت إشراف
4 / 6
حرم الأستاذ عبد الله ( أم محمد ) حيث تم إعداد العريكة التي تزينت بالعسل والأطباق الجانبية من السمن والعسل البلدي ، إضافةً إلى الخبز والموز التي أخبرتنا أم محمد بمكان زراعته وهو وادي القيم ، وبعد شكر ( أم محمد ) على كرم الضيافة وإعداد هذه المأدبة الجميلة ذات القيمة الغذائية ، قام الأستاذ القدير عبد الله ابن صوفان مشكوراً ، مع أعضاء الفريق برفقة الأستاذ القدير فهد الشهري بالتجول على المتحف والتعرف على محتواه .
يقع متحف الأستاذ عبد الله ابن صوفان في قرية لشعيب مقابل جبل شيبان ، يحتوي المتحف على قاعات متنوعة ، في مقدمتها قاعة الصور والوثائق التاريخية وهي قاعة خارجية لموحد الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – وأبنائه الملوك الذين تعاقبوا من بعده، حتى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقاعة أخرى تحتوي على قطع تراثية وأثرية ، بالإضافة إلى ملابس نسائية ورجالية وأسلحة وأدوات زينة وحلي ، وأدوات تستخدم للعادات اليومية ، وأدوات زراعية موضحاً اسم كل أداة عليها بلهجة أهل المحافظة ، إضافةً إلى معرض يضم أكثر من ٥٠٠ صورة لحماة الوطن البواسل الذين قدموا أرواحهم فداءً ، وفصل دراسي يحكي واقع التعليم قبل ٦٠ عامًا.
بعد نهاية الجولة توجه الفريق إلى مجلس ابن صوفان للتدوين في سجل الزيارة ، والثناء والشكر على ماقام به من حفاوةٍ وتكريم لقاء ما قام به من شرح وافٍ وكرم أثناء اللقاء الأول ، آملين أن يتكرر اللقاء بإذن الله الأيام القادمة ، فكل الشكر والتقدير لشخصه الكريم وحرمه .
قرية آل عليان التاريخية:-
توجه الفريق بصحبة رفيق الرحلة الأستاذ القدير فهد الشهري إلى قرية آل عليان التاريخية ، وكان في استقبالهم الأستاذ الفاضل صالح آل عليان العمري مؤسس المتحف .
يعود تاريخ القرية إلى أكثر من 1500 سنة ، وبها متحف تراثي وتحتوي على الكثير من الآثار وتجد اهتماماً بالغاً من الحكومة وهيئة السياحة والتراث الوطني . يتكون متحف قرية آل عليان من مبنى به ثلاثة أدوار خصص الدور الأول للزراعة والمواد والأدوات المتعلقة بحرفة الزراعة وخصص الدور الثاني للملابس والحلي وما يتعلق بالنساء وملابسهن وزينتهن وغير ذلك وخصص الدور الثالث لأدوات وأواني الطبخ والمأكل والمشرب وكذلك أواني القهوة وما يتعلق بإعدادها , ويضم المتحف أيضاً مجموعة من أدوات الحرب كالسيوف والخناجر والبنادق وغيرها كما يضم بعض المخطوطات والكتب القديمة .
ثم اصطحب الفريق بقيادة الأستاذ الفاضل صالح آل عليان العمري بجولةٍ على القرية التاريخية ، وما تحتويه من منازل من الأعلى ، ومجالس بالأسفل ومحلات تجارية في تلك الحقبة من الزمن بالإضافة إلى الحصن التي تمتاز بها كل قرية تاريخية كقرية آل نييح التراثية . بالإضافة إلى وجود مقابر بنيت بطريقة الرسوس في عهد ما قبل الإسلام .
5 / 6
نهاية الجولة ودع أعضاء الفريق الأستاذ صالح آل عليان العمري ، والشكر والتقدير على ما حملوه في جعبتهم من معلومات قيمة لهذه القرية الأثرية .
ولم تكتفي سعودية التراث بوداع قرية آل عليان الأثرية ، وإنما بوداعٍ على أمل اللقاء بأهل النماص الأكارم عامةً ومن تم ذكرهم في هذا التقرير خاصةً ، فكل الشكر والتقدير للجنة التنمية السياحية في محافظة النماص ، ومتحف ابن صوفان ، وقرية المقر ، وقرية آل نييح ، وقرية آل عليان
العم دحدوح :
العم فايز الشهري ، الملقب بدحدوح، يبلغ من العمر الثمانين ، في محافظة تنومة ، اشتهر بكرمه ورحابة صدره وحبه للتراث من خلال إنشاء متحف مصغر أصبح مرتعاً لكل من يمر بالطريق لتناول القهوة العربية والمشاركة في إعدادها، حيث كان لسعودية التراث نصيب ، لمقابلة هذه الشخصية النادرة والأثرية بكل مقاييسها ، حيث تم تبادل أطراف الحديث على عجل ،لانشغال الفريق في تنسيق زيارةٍ لقرية رُجال ألمع ، آملين بمقابلة العم دحدوح في الأيام القادمة بإذن الله ، مع دعاءنا بأن يمد الله في عمره وأن يمتعه بالصحة والعافية ، وهو ما أسهب في الحديث عنه .
ولنا لقاء قريب يا عم دحدوح إن شاء الله تعالى ، كما عودنا متابعينا الكرام .
قرية رُجال ألمع :
توجهت سعودية التراث إلى هذه القرية وهي من المواقع الأثرية المرشحة للتسجيل في قائمة التراث العالمي ، نزولاً بعقبة الصماء الرابطة بين أبها ورجال ألمع وكان في استقبال الفريق مشكوراً الأستاذ الفاضل عبد الهادي ابراهيم آل مسفر الألمعي ، الذي واصل عمل والده الأستاذ القدير ابراهيم آل مسفر الألمعي رحمه الله تعالى ،الذي قام بترميم رُجال ألمع فهو صاحب جهود كبيرة في توطين هذا التراث ، وكان من أوائل الداعمين لفرقة ألمع للفنون ، ويعد صاحب فكرة أسبوع ألمع الثقافي في مهرجان الصيف بأبها ، إذ عمل مع نخبةٍ من أدباء ألمع ومثقفيها على إحياء ليال ثقافية في صيف أبها .
تبعد قرية رجال ألمع التراثية عن مدينة أبها حوالي 52 كم باتجاه الغرب . كانت القرية تعتبر نقطة مهمة ، حيث كانت تربط بين القادمين من اليمن وبلاد الشام مروراً بمكة المكرمة والمدينة المنورة ، الأمر الذي جعلها مركزاً تجارياً هاماً . تتكون القرية من نحو 60 مبنىً بنيت من الحجارة الطبيعية والطين والأخشاب ، ويضم الموقع متحفاً قام بإنشائه أهالي القرية . يوجد في منتصف القرية متحف يسمى بمتحف رجال ألمع التراثي وهو يأخذ من قصر آل علوان مقر له وقد تم اختياره كونه يضم عدة طوابق كما يرجع تاريخ بنائه إلى أكثر من أربعة قرون، وقد مر القصر بأعمال ترميم شارك فيها أهالي القرية. يعرض المتحف تراث وآثار ومقتنيات القرية الفريدة من مخطوطات وأدوات وأسلحة، حيث يضم أكثر من ألفي قطعة آثرية ومخطوطة متوزعة على تسعة عشر قسماً بالمتحف .
6 / 6
تضم القرية عدة مباني والتي بدورها تتكون من عدة طوابق وبعضها يصل إلى ثمانية طوابق وهي مبنية بالحجارة ولها نوافذ خشبية ملونة. تحتوي المباني بداخلها على نقوش تظهر على الجدران الداخلية للغرف ويعرف الفن المستخدم في تلك النقوش بمسمى «فن القَط» وعن هذا الفن لنا وقفة ، فلا ننسى رائدة هذا الفن الجميل والنادر الأستاذة الفاضلة فاطمه أبو قحاص رحمها الله تعالى حيث يتم فيه وضع أشكال وألوان متناسقة وعادة ما تقوم به نساء القرية . يوجد في الساحات الخارجية للمنازل بعض الكراسي الخشبية والمفروشة بالحصير، ذات القوائم الملونة بالأخضر والأبيض والأصفر والأحمر، كما توجد كذلك على النوافذ والأبواب الخشبية .
وبهذه القرية الخصبة الخلابة ينتهي تقريرنا ، آملين أن ينال رضاكم واستحسانكم ، على أمل اللقاء في محطات أخرى من مملكتنا الحبيبة .
