كتاب الرأي

صناعة سياحة الترفيه

الترفيه كلمة فضفاضةٌ تندرج تحت مسماها العديد من الأنشطة والبرامج المحببة للنفس البشرية كل حسب ميوله، لكن حصر الترفيه في الترفيه الفني ( غنائي ، مسرح ، سينما ، عروض فنية ) والتركيز على هذا النوع دون غيره وإعطائهِ زخم كبير وتسويق إعلامي بشكل مبالغ فيه !!، لماذا تم اختزال أنواع الترفيه الأخرى في نوع واحد فقط !؟ فأين الترفيه الموجه للجميع والذي تتسع دائرته ُ لتشمل كل فرد( طفل ، مراهق ، بالغ ) في أي مكان في الدولة ؟ الترفيه الفني لا يجذب إلا فئة محدودة من أفراد المجتمع وغالباً رواده من فئة الشباب والمراهقين ، وهذا النوع من الترفيه ليس الغاية للكثير من أفراد الأسرة السعودية وهو ترفيه مستهلك مؤقت ويكلف ميزانية مالية ضخمة قد تُسْتَرْجَع من المبيعات وقد لا تُسْتَرْجَع حسب حضور الجمهور ولكن إذا عَرْفْنَا الترفيه على أنه (أي نشاط يمارسه الشخص في وقت الفراغ ليرفه عن نفسه سواء كان مشاهدة برنامج ، فلم ….، قراءة كتاب ، قصة … أو زيارة شيء ممتع ، معلم تاريخي ، متحف، حديقة ، شاطئ….. الخ) فإننا لا نستطيع حصر الواجهات الترفيهية التي تحقق رضا الناس فهي تختلف حسب رغبة وميول كل شخص ،والمملكة العربية السعودية ولله الحمد حباها الله عز وجل بمساحة شاسعة تتجاوز ٢ مليون كم مربع وتنوع في التضاريس و مقومات طبيعية وكل ذلك يصب في نجاح الاِستثمار في صناعة سياحة ترفيه مستدامة تعزز التنمية وتدعم الاِقتصاد الوطني وكون تلك الصناعة تعتمد بالدرجة الأولى على المقومات الطبيعية والتاريخية المتنوعة التي تزخر بها مملكتنا الحبيبة من قلاع وحصون ومدن تاريخية وشواطئ بحرية ممتدة على طول٣٨٠٠ كيلو متر ، وطبيعة خلابة في الجنوب ووجود عدد كبير من الجزر والعديد من المحميات الطبيعية والكثبان الرملية والكهوف والمرتفعات الجبلية والعديد من الحرات ، وقد دشن ولي العهد محمد بن سلمان حفظه الله رؤية المملكة ٢٠٣٠ بمشاريع مهمة من أجل المنافسة في قطاع صناعة مستقبل سياحي مشرق واقتصاد واعد يحتضن الإمكانات و المقدرات المتاحة في البلاد بإذن الله من نيوم وآمالا في الشمال الغربي في منطقة تبوك والقدية في الجنوب الغربي في منطقة الرياض ، وقطاع صناعة السياحة الترفيهية صناعة متسارعة في النمو وتشكل مصدر غير ناضب لتوليد الثروات والأعمال ولنتمكن من صناعة سياحة ترفيهية دائمة تغطي مساحة المملكة المترامية الأطراف وتسهم في دفع عجلة نمو الاِقتصاد الوطني سريعاً ، على الرغم من التحديات الصعبة التي تواجه النهوض بهذا الاِستثمار لكنه ليس مستحيل أمام الإصرار على الإنجاز لتحقيق أهداف رؤية المملكة ٢٠٣٠ ، علينا فقط استحضار التجارب العالمية المبهرة التي أسست لصناعة سياحة ترفيهية ناجحة دائمة والاستفادة منها بما يناسب ثقافة مجتمعنا المسلم والعمل على إنشاء البنية التحتية الأساسية اللازمة لبلورة تلك الصناعة مثل .

١ – إنشاء المتاحف المتخصصة ( الأثرية ،تاريخ الطبيعة ، المهن، الخزف ، الأحجار الكريمة ، تطور مراحل صناعة النفط ، ،المتاحف المائية ،….. )
٢- التوسع في إنشاء الحدائق العامة المتخصصة ( الحيوانات , الطيور ، الزهور، الفراشات ،معالم المملكة مصغرة….)
٣- التوسع في إنشاء المراكز التجارية المتنوعة والمتخصصة والبازارات .
٤- التوسع في إنشاء معاهد التدريب المتخصصة للعاملين في مجال الترفيه السياحي من مرشدين ، ومشرفين ، ومقدمين خدمة …..) .
٥- اِستثمار المحميات الطبيعية وتهيئتها وتأمينها لجذب رحلات السفاري.
٦- إنشاء الدور الثقافية التي تهتم بالشأن الثقافي بالنشر والتوزيع ودعم إنتاج الفكر البشري الإبداعي من كتابة و تأليف وتصميم ورسم ….. وإقامة المعارض للفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي….)
٧- إنشاء ورش صناعية لصناعة التذكارات والأنتيكة في كل منطقة لصناعة منتج سعودي يمثل هوية وثقافة وأرث كل منطقة بأيدي سعودية يحمله الزوار والسياح وهم عائدون إلى ديارهم .
٨- إنشاء المقاهي والمطاعم في مواقع جغرافية متميزة بتصاميم معمارية إبداعية .
٩- الإهتمام بالسياحة البحرية مثل رحلات الكروز و المطاعم العائمة والرياضات المائية ( الغوص، التزلج ، التجديف …..)
١٠- تأمين المواقع الأثرية القلاع والقصور والمدن التاريخية وفتحها أمام الزوار والتسريع في الكشوفات الأثرية والتنقيب عن المزيد من الكنوز الدفينة .
١١- تشييد مباني فندقية ومنتجعات بتصاميم معمارية فريدة تبقى أرث حضاري ثقافي لآلاف السنين وكذلك تشييد الجسور والأبراج بتصاميم إبداعية غير مألوفة.
١٢- بناء مدن ترفيهية تحاكي دزني لاند، ومدن الألعاب المائية ٠

السياحة والترفيه والثقافة ثلاث وجهات متداخلة يصعب فصل كل واحدة منهن عن الأخرى ولذلك إن تنمية قطاع السياحة الترفيهية الثري بتنوع قطاعات الخدمات المساندة له بما يواكب توجهات الدولة المستقبلية وتطلعات المواطن الحالمة يحتاج إلى مواجهة المعوقات والتخطيط الاستراتيجي للتنمية و التطوير ولن يتحقق ذلك إلا بتكاثف الجهود بالتكامل أو الإندماج بين الهيئة العامة للترفيه والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ووزارة الثقافة فإنه بتكامل وتوحيد الرؤى وتآزر الجهود لتلك الجهات و بالتعاون مع القطاع الخاص قد نشهد ولادة سياحة ترفيه تلبي متطلبات كل فئات المجتمع وبآفاق غير محدودة من أجل الجيل الحاضر ومن أجل مستقبل الأجيال القادمة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى