مقال بقلم / فاطمة علي المخلوطي بعنوان (( القواعد الأساسية للمنح أسس العدالة والاستدامة في العمل الخيري ))

تشكل المنح أحد أهم أدوات الدعم في القطاع غير الربحي، إذ تمكّن المؤسسات المانحة من إحداث أثر اجتماعي وتنموي مستدام، وتسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للفئات المستفيدة. ومع توسّع العمل الخيري وتنوّع الجهات المنفذة، تبرز الحاجة الملحّة إلى الالتزام بقواعد أساسية تحكم إدارة المنح، وتضمن عدالة التوزيع، وكفاءة الصرف، وتحقيق الأثر المأمول.
أولاً: وضوح الهدف وتحديد الأولويات
تنطلق المنح الناجحة من أهداف واضحة ومحددة، ترتبط برسالة الجهة المانحة ورؤيتها الاستراتيجية. ويُعد تحديد الأولويات التنموية خطوة أساسية لضمان توجيه الموارد إلى القضايا الأكثر احتياجاً وتأثيراً، بما يتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 وأولويات التنمية الوطنية.
ثانياً: الشفافية والحوكمة
تُعد الشفافية حجر الأساس في إدارة المنح، وتشمل وضوح معايير التقديم والاختيار، والإفصاح عن آليات التقييم، ونشر نتائج المنح وأوجه الصرف. كما تسهم الحوكمة الرشيدة في تعزيز الثقة بين الجهة المانحة والمجتمع، وتحد من تضارب المصالح، وتضمن سلامة القرارات التمويلية.
ثالثاً: العدالة وتكافؤ الفرص
من القواعد الجوهرية للمنح تحقيق العدالة بين المتقدمين، من خلال إتاحة فرص متكافئة، وتطبيق معايير موحدة للتقييم بعيداً عن الاعتبارات الشخصية أو الجغرافية غير المبررة. فالمنح العادلة تعزز مصداقية المؤسسات المانحة، وتدعم استدامة العمل الخيري.
رابعاً: الكفاءة في إدارة الموارد
تتطلب المنح إدارة مالية دقيقة تضمن الاستخدام الأمثل للموارد، والالتزام بالميزانيات المعتمدة، وربط الصرف بمؤشرات أداء واضحة. كما يُعد تقليل الهدر وتعظيم الأثر من أهم مؤشرات نجاح المنح، خاصة في ظل محدودية الموارد وتزايد الاحتياجات.
خامساً: المتابعة والتقييم وقياس الأثر
لا يكتمل منح دون نظام فعّال للمتابعة والتقييم، يهدف إلى التأكد من حسن تنفيذ المشاريع، وتحقيق الأهداف المخطط لها. ويساعد قياس الأثر الاجتماعي والاقتصادي للمنح في تحسين القرارات المستقبلية، وتطوير السياسات التمويلية، وضمان التحسين المستمر.
سادساً: الالتزام بالأنظمة والتشريعات
تعمل المؤسسات المانحة في المملكة ضمن إطار تنظيمي واضح تشرف عليه الجهات المختصة، ويُعد الالتزام بالأنظمة واللوائح شرطاً أساسياً لاستمرار العمل النظامي، وحماية المال الخيري، وتعزيز الموثوقية المؤسسية.
خاتمة
إن الالتزام بالقواعد الأساسية للمنح لم يعد خياراً تنظيمياً فحسب، بل ضرورة تنموية وأخلاقية تضمن توجيه الدعم لمستحقيه، وتعزز الأثر الإيجابي للقطاع غير الربحي. ومع التحول المؤسسي الذي يشهده العمل الخيري في المملكة، أصبحت إدارة المنح وفق أسس علمية ومهنية أحد أهم مفاتيح النجاح والاستدامة.

بقلم الطالبة/ فاطمة علي المخلوطي
برنامج الماجستير التنفيذي في إدارة الأوقاف والمنظمات غير الربحية
جامعة الباحة

زر الذهاب إلى الأعلى