منصّات التشغيل البيني تعزز التعاون في قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي

رشاد اسكندراني

● تقود دولة الإمارات العربية المتحدة جهود التكامل الإقليمي من خلال منصة “رعايتي”، التي توحّد ما يقارب 5000 منشأة صحية تحت مظلة السجل الطبي الوطني الموحّد (NUMR).
● يتزايد اعتماد السجلات الطبية الإلكترونية (EMR) في دول مجلس التعاون الخليجي، غير أن الحاجة لا تزال قائمة إلى تبنّي شبكات تبادل معلومات صحية (HIE) سحابية ومرنة وغير معتمدة على مزود واحد، لدعم التنوع التنظيمي وتعزيز التعاون عبر الحدود، مع الحدّ من تجزئة الأنظمة.

[دبي – الإمارات العربية المتحدة، 24 نوفمبر 2025] – مع ازدياد عدد السكان، وارتفاع معدلات الأمراض المزمنة، وتسارع التحول الرقمي، تشهد دول مجلس التعاون الخليجي مرحلة تحوّل نوعي في قطاع الرعاية الصحية. ومع ذلك، لا تزال أنظمة البيانات المجزأة تشكّل عائقاً أمام التعاون وتكامل الرعاية وسرعة اتخاذ القرار السريري. ويُعدّ الترابط الآمن بين الأنظمة الذي يربط المستشفيات والعيادات والوزارات بسلاسة، الحل الإقليمي لتوحيد بيانات المرضى، وتسريع عمليات الإحالة، وتقليل الأخطاء الطبية.
وفي ظل التوقعات التي تُرجّح زيادة سكان دول مجلس التعاون بنسبة 30% في الفترة من العام 2020 ونهاية العقد الحالي، تكتسب البنية التحتية الصحية المتقدمة أهمية غير مسبوقة في المرحلة الراهنة. ويُنظر إلى منصات التشغيل البيني على أنها محور هذا التحول، لا سيّما وأنها تمكّن من تحسين إدارة الأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية التي تستحوذ على حصة تتراوح من 70% إلى 80% من إجمالي الإنفاق الصحي.

ريادة دولة الإمارات في مجال الرعاية الصحية المتصلة

وتلعب أنظمة تبادل المعلومات الصحية دوراً مباشراً في دعم استراتيجيات الحكومات للتحول الرقمي وتكامل خدمات الرعاية. ويتجلى ذلك من خلال نجاح دولة الإمارات في تطوير منصة “رعايتي”، وهي السجل الطبي الوطني الموحد. ووفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الصحة ووقاية المجتمع، تربط المنصة نحو 5,000 منشأة صحية في أنحاء الدولة حتى نهاية العام 2024، كما أنها تخدم ما يزيد على 100,000 طبيب وممارس صحي، وتحتوي على 14 مليون سجل طبي فريد للمرضى على مستوى الدولة. وتم دمجها بنجاح أيضاً مع نظام “نابض” في دبي، ونظام “ملفّي” في أبوظبي، مما أتاح 1.9 مليار سجل طبي عبر منصة “رعايتي”. وأسهم هذا الإنجاز في تعزيز مكانة الإمارات كدولة رائدة في مجال ترابط الأنظمة الصحية على مستوى المنطقة.

الترابط المستقل عن السحابة … الخطوة التالية في هذا المسار
على العكس تماماً من الأنظمة التقليدية المرتبطة بمزوّد واحد أو منصة سحابية محددة، تضمن البرمجيات ذات التصميم المستقل عن السحابة مرونة التكيّف مع المتطلبات التنظيمية والبُنى التحتية المختلفة لكل دولة. ومع اختلاف القوانين الخاصة ببيانات الرعاية الصحية بين دول المنطقة، تُعد هذه المرونة عاملاً أساسياً لتحقيق التوازن بين سيادة البيانات الوطنية من جهة، وبين جهود اعتماد النُظم السحابية المتعددة من جهة أخرى. كما تساعد هذه الأنظمة على تفادي الاعتماد الكامل على مزوّد واحد للخدمة، وهي مشكلة شكّلت عائقاً أمام تنفيذ مشروعات بيانات صحية كبرى في السابق، الأمر الذي يدعم التكيّف السريع مع البُنى التحتية المحلية والمتطلبات التنظيمية لكل دولة.
وتدعم شركة “رين ستيلا تكنولوجيز”هذا التحول من خلال منصتها من الجيل الجديد لتبادل المعلومات الصحية التي تحمل اسم Constellation، والمبنية على تقنيات أثبتت جدارتها في الولايات المتحدة، خاصة وأنها مصمَّمة لتلبية متطلبات المرونة والتوسّع في الأسواق الناشئة.
كم جهتها، قالت سيدرا شهباز، المديرة الأولى للمنتجات في Constellation: “إننا نعمل على تطوير هذه المنصة لرسم معالم مستقبل الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك من خلال إنشاء شبكة آمنة ومرنة وموثوقة تتيح التعاون السلس بين المستشفيات والعيادات والوزارات. وعن طريق توحيد جهود القادة الإقليميين حول نموذج رعاية متكامل يتمحور حول المريض، تعمل المنصة ذاتها على تمكين الأنظمة الصحية من الاتصال عبر الحدود، وتسريع الإحالات الطبية، وتحسين النتائج العلاجية، وبناء ثقة مستدامة بين المرضى وجهات تقديم الخدمات، بما يمهّد الطريق نحو منظومة رعاية صحية رقمية قوية وقادرة على التكيّف مع المستقبل”.
وفي ظل سعي دول مجلس التعاون لتطبيق رؤى وطنية على غرار “رؤية السعودية 2030” لتحديث قطاع الرعاية الصحية، والحد من تجزئة البيانات، وتحسين نتائج المرضى، تتزايد الحاجة إلى أنظمة صحية مترابطة وقابلة للتكامل. وتستثمر كلٌّ من المملكة العربية السعودية ودولة قطر بشكل كبير في إنشاء شبكات وطنية لتبادل المعلومات الصحية يمكنها الاستفادة من تجربة دولة الإمارات في هذا المجال. ويُعدّ اعتماد البُنى السحابية المرنة والمعايير الموحدة للبيانات عبر الحدود أمراً أساسياً لضمان استمرارية الرعاية والكفاءة التشغيلية والمرونة المؤسسية، الأمر الذي يُسهم في بناء منظومة صحية خليجية رقمية متصلة، تتدفق فيها بيانات المرضى بأمان، وتتسارع فيها وتيرة التعاون، وتظل الأنظمة الصحية فيها جاهزة للمستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى