الرياض _ روزان المطيري
في مشهد ريادي ملهم، يبرز يزن خالد آل شوك، الطالب في جامعة الملك خالد بتخصص إدارة المشاريع السياحية والترفيهية، كأحد النماذج الشبابية التي جسّدت مفهوم “التطبيق العملي” بكل معنى الكلمة. في عمر مبكر، لم يقف عند حدود الفكرة، بل تجاوزها إلى تأسيس مشروعه الخاص “خطوة سفر”؛ وهو تطبيق ذكي يُعنى بتقديم تجربة سياحية متكاملة للسائح داخل المملكة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وفي لقاء صحفي معه، بدأت الحكاية بالسؤال:
بدايةً، حدّثنا عن نفسك وفكرتك الأولى في تأسيس شركتك، وكيف وُلد هذا الحلم وأنت ما زلت طالبًا جامعيًا؟
أجاب يزن بثقة:
“أنا يزن خالد آل شوك، طالب في جامعة الملك خالد بتخصص إدارة المشاريع السياحية والترفيهية. بدأت فكرتي من مشكلة واقعية يواجهها السياح والمجتمع المحلي، وهي غياب منصة موحدة تجمع احتياجات السائح في مكان واحد. من هنا وُلد حلمي بتأسيس مشروع “خطوة سفر”، وهو تطبيق سياحي ذكي يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة سياحية متكاملة تشمل تصميم الجداول السياحية الشخصية، وتوفير مرشد سياحي ذكي داخل التطبيق، إضافة إلى منصة حجز موحدة تربط جميع الجهات السياحية والخدمية.”
وأكد أن انطلاقة المشروع جاءت من معسكر مستقبل عسير السياحي، ثم جرى احتضانه في مركز ريادة الأعمال الرقمية (كود لاب)، ثم حاضنة ثراء للاستثمار الاجتماعي التي تخرج منها بواقع 98 ساعة تدريبية، ما عزّز من جاهزيته كمشروع ريادي حقيقي.
ما التحديات التي واجهتها في الموازنة بين دراستك الجامعية ومسؤولياتك كرائد أعمال؟
وأوضح قائلاً:
“في الحقيقة لم تكن هناك تحديات كبيرة، لأن تخصصي نفسه كان نقطة القوة في مسيرتي الريادية. كنت أتعلم في قاعات الجامعة صباحًا وأطبق ما أتعلمه على مشروعي مساءً. تخصصي في إدارة المشاريع السياحية أعطاني منهجية واضحة، وأكسبني فهمًا دقيقًا للسوق وآلية التخطيط، مما جعل الموازنة بين الدراسة والعمل الريادي تجربة مثرية وليست عبئًا.”
وأضاف موضحًا أن التحدي الحقيقي كان في تنظيم الوقت بين الالتزامات الأكاديمية والاجتماعات والفعاليات الريادية، لكنه اعتبره درسًا في الانضباط والمرونة.
كيف أثرت بيئة عسير بطبيعتها وثقافتها على فكرتك ومشروعك؟
أجاب بإعجاب واضح لمنطقته:
“عسير بالنسبة لي ليست مجرد منطقة، بل مصدر إلهام. طبيعتها الخلابة وثقافتها الغنية وشغف أهلها بالضيافة جعلتني أؤمن أن السياحة هنا يمكن أن تكون وجهة عالمية. الدعم الذي نحظى به من سمو أمير المنطقة الأمير تركي بن طلال، ومن الجهات الريادية والمجتمعية، كان ركيزة أساسية في نمو المشروع.”
وأكد أن كل تفاصيل عسير – جبالها، طبيعتها، وأهلها – كانت الوقود الحقيقي لولادة حلم “خطوة سفر”.
إلى أي مدى استفدت من روح التعاون والدعم في مجتمع عسير خلال مسيرتك الريادية؟
يقول يزن:
“استفدت كثيرًا من اللقاءات والورش التي جمعتني برواد أعمال وخبراء. روح التعاون في مجتمع عسير مُلهمة جدًا، الكل يعمل لهدف واحد هو رؤية المنطقة في مقدمة الوجهات السياحية. في كل محطة مررت بها، وجدت الدعم، خصوصًا من حاضنات مثل ثراء التي وفّرت بيئة محفزة للعمل والابتكار.”
كيف ترى دور ودعم سمو أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال للشباب ورواد الأعمال؟ وهل أسهمت مبادراته في تحفيزك؟
أجاب مؤكدًا:
“الدور الذي يلعبه الأمير تركي بن طلال استثنائي بكل معنى الكلمة. سموه لا يوجّه من بعيد، بل يعيش تفاصيل العمل معنا، يتابع المشاريع الشبابية، ويؤمن بقدراتنا. كل الموارد التي وُفرت لنا جاءت نتيجة لنهجه العملي وحرصه على أن تكون عسير نموذجًا في التنمية.”
وأضاف قائلاً:
“كنت دائمًا أقول: إذا كان الأمير يعمل بهذه الطاقة والشغف، فكيف لا نعمل نحن؟”
ما أبرز إنجازاتك حتى الآن، وكيف كانت لحظة شعورك بالنجاح لأول مرة؟
يروي بفخر:
“من أبرز إنجازاتي أني أسست شركتي بعمر العشرين، ونجحت في تحويلها من فكرة بسيطة إلى مشروع ريادي متكامل. كوّنت فريق عمل من زملائي في التخصص ذاته، وأسّسنا معًا نواة مشروع وطني ذكي يخدم السائح والمجتمع المحلي.”
ويضيف:
“لحظة شعوري بالنجاح كانت عندما عُرض مشروعنا أمام المستثمرين وصنّاع القرار ونال الاهتمام. شعرت وقتها أن كل الجهد والتعب تحوّل إلى قصة تُروى، لا مجرد فكرة أحلم بها.”
ما المجالات أو الفرص التي تراها واعدة في منطقة عسير وتحتاج إلى استثمار الشباب فيها؟
أوضح:
“عسير مليئة بالفرص، لكن أرى أن السياحة الذكية والتقنية هي المستقبل الحقيقي. المنطقة غنية بالمواقع الطبيعية والثقافية وتحتاج إلى حلول مبتكرة تربط السائح بالتجربة. الشباب اليوم لديهم الأدوات والإبداع لصنع نموذج جديد من السياحة يقوم على التقنية والهوية المحلية.”
ما رسالتك لزملائك الجامعيين الذين يفكرون في خوض تجربة ريادة الأعمال مبكرًا؟
قال يزن مؤكدًا:
“رسالتي لهم بسيطة: ابدأ الآن. لا تنتظر اللحظة المثالية أو الفرصة الذهبية، لأن الفرص تُصنع بالعمل لا بالانتظار. ريادة الأعمال طريق مليء بالتعلم والتجارب، قد لا تكون سهلة، لكنها تُبني بها شخصيتك قبل مشروعك. خُض التجربة، تعلّم من الأخطاء، وابدأ بخطوتك الأولى بثقة.”
قصة يزن خالد آل شوك ليست مجرد سرد لنجاحات شاب طموح، بل تجسيد لرؤية وطن يفتح أبوابه لابتكار شبابه، ولجيل يؤمن بأن التنمية تبدأ بفكرة، وتنمو بشغف، وتتحقق بالعمل.
“خطوة سفر”.. ليست مجرد تطبيق، بل نموذج لخطوة أولى يمكن أن تغيّر مسار حياة، وتدفع برؤية وطن نحو آفاق أوسع.
