مقال بقلم مبارك بن عوض الدوسري بعنوان (( حياة الخلاء.. مدرسة الكشفية التي تُعلّم البساطة وتُصقل الشخصية ))

في إحدى الحلقات التي يقدمها الأمين العام للمنظمة الكشفية العربية – مدير الإقليم الكشفي العربي عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن عناصر الطريقة الكشفية تناول أحد أهم العناصر “حياة الخلاء” التي تُعدّ من أهم التجارب التربوية التي يعيشها الفتية والشباب في مسيرتهم الكشفية، إذ تجمع بين متعة المغامرة والتأمل في الطبيعة، وبين بناء الشخصية المتوازنة القادرة على الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية، حيث سلط الضوء على البعد التربوي لحياة الخلاء، حين أكد أنها ليست مجرّد أنشطة ميدانية، بل تجربة حياتية متكاملة تُعيد الإنسان إلى فطرته الأولى، وتمنحه فرصة لاكتشاف ذاته بعيداً عن صخب المدن وضغوط الحياة اليومية؛ ففيها يتدرّب الكشاف على الصبر والانضباط، ويتعلّم التعاون والعمل الجماعي، ويكتشف مواهبه الكامنة في جوٍ من الحرية المسؤولة والالتزام الذاتي؛ ويؤكد ذلك ما جاء في التراث الكشفي: «لا كشفية بدون حياة الخلاء»، فهي قلب البرنامج الكشفي النابض، والبيئة التي تنمو فيها روح القيادة، وتُختبر فيها القيم الكشفية عمليًا لا نظريًا؛
وفي هذا السياق، جاء في الأثر «اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم» ليؤكد المعنى ذاته، فالتعوّد على البساطة والخشونة في العيش يُربي الإنسان على الصمود أمام التحديات، ويُكسبه مهارة التكيف مع المتغيرات، ويجعله أكثر وعيًا بقيمة النعمة وشكرها؛ وتكمن أهمية حياة الخلاء في أنها تُنمّي لدى الفتية والشباب حبّ الطبيعة والارتباط بها، وتُعمّق فيهم روح المحافظة على البيئة كواجبٍ ديني وإنساني، كما تُسهم في تعزيز اللياقة البدنية، وتنمية الحواس، وتدريبهم على الملاحظة والاستكشاف والتأمل في خلق الله، وهي جميعها قيم ومهارات تُسهم في بناء شخصية متكاملة فكراً وجسداً وسلوكاً.

لقد جاء طرح الدكتور هاني عبد المنعم ليُعيد التذكير بهذه القيم الأصيلة، ويُبرز ما في حياة الخلاء من أثرٍ بالغٍ في تكوين شخصية الكشاف القوي المتوازن، الذي يعيش الحياة ببساطة، ويقدّر الجهد، ويستمتع بالعطاء، محافظاً على بيئته، محبًا لوطنه، مستنيراً بمبادئ الحركة الكشفية العالمية وهويتها المتجددة.
كل الشكر والتقدير للدكتور هاني على هذا الطرح التربوي الرفيع الذي أعاد للأذهان جوهر الكشفية الأصيل، ودعا إلى استثمار حياة الخلاء كوسيلة تربوية فاعلة في تنمية النشء والشباب، وصقل مهاراتهم، وغرس القيم في نفوسهم بروحٍ كشفيةٍ واعيةٍ ومؤمنةٍ برسالتها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى