مقال بقلم الاعلامية والكاتبة / سمو العتيبي بعنوان (( أنصفوا الصحف الإلكترونية المرخصة))

في زمنٍ تتسارع فيه الرقمنة، وتتحول فيه المنصات الإلكترونية إلى مصادر رئيسية للمعلومة، ما زالت بعض الجهات الرسمية تُصرّ على تجاهل الصحف الإلكترونية المرخصة، وتُقصيها عن حضور الاجتماعات واللقاءات المهمة، مكتفيةً بدعوة القنوات الفضائية والصحف الورقية والإذاعات الرسمية، وكأنها تُعيد إنتاج مشهد إعلامي تقليدي لا يعكس واقعنا الحديث.

هذا التهميش لا يُعبّر فقط عن خلل في فهم دور الإعلام الرقمي، بل يُكرّس نظرة دونية تجاه العاملين فيه، رغم أنهم يحملون تراخيص رسمية ويؤدون واجبهم المهني بكل التزام. وما يؤلم أكثر أن هذا التجاهل لا يأتي من مؤسسات مجهولة، بل من منظمات رسمية، وشخصيات عامة يُفترض بها أن تكون داعمة للإعلام الوطني بكل أشكاله.
في العام الماضي، دُعيتُ لحضور لقاء تعريفي لإحدى الجمعيات التي كانت تستعرض رؤيتها وبرامجها المستقبلية. كان يرأس اللقاء شخصية سعودية معروفة، لها جمهور واسع من المحبين، وأنا منهم. حضرتُ بكل حماس، حاملةً ميكروفوني لتغطية الحدث لصالح الصحيفة، ووقفتُ في طابور الإعلاميين بانتظار دوري للحصول على كلمة من رئيس الجمعية.
تقدّمت القنوات الفضائية واحدةً تلو الأخرى، ثم جاء دوري. نظر إليّ نظرة دونية، ثم صدّ عني وتحدث إلى الموظف بجانبه، رافضًا الإدلاء بأي تصريح لي أو لأي صحيفة إلكترونية. وعندما سألت عن السبب، قيل لي: «هو لا يظهر إلا على القنوات الفضائية المعروفة، والمايك الذي تحملينه لا يحمل شعارًا مألوفًا»!!.

لا تُقصوا من يحمل الكلمة

الصحف الإلكترونية اليوم تُشكّل جزءًا لا يتجزأ من المشهد الإعلامي، وتصل إلى جمهور واسع، وتُسهم في نقل الحقيقة وتوثيق الأحداث. تجاهلها في الفعاليات الرسمية يُعدّ إقصاءً غير مبرر، لا ينسجم مع روح التطور الرقمي الذي تتبناه الدولة، ولا مع مبدأ تكافؤ الفرص الذي نعتز به كمواطنين ومواطنات.
هل يعود هذا التهميش إلى أن الأنظمة الإعلامية في بعض المؤسسات ما زالت أسيرة لوائح قديمة لا تواكب التحولات الرقمية؟ أم أن هناك من لا يرى في الصحف الإلكترونية نفس القيمة الإخبارية والدور الثقافي الذي تحمله الصحف التقليدية والقنوات الفضائية ؟ رغم أن الواقع يُثبت عكس ذلك. ألسنا نتابع الخبر على شاشة التلفاز، ثم نسمع المذيع يحيلنا إلى الموقع الإلكتروني للقناة لمزيد من التفاصيل؟ ألا تفعل الإذاعات الشيء ذاته مع منصاتها الرقمية؟
ثم إن الصحف الإلكترونية أثبتت جدارتها في سباق الزمن، حين بثّت الأخبار العاجلة بسرعة تفوق التلفزيون والإذاعة، متجاوزةً حدود البث التقليدي، وملبيةً حاجة الجمهور إلى المعلومة الفورية.

في النهاية، ليست القضية قضية مايكروفون أو شعار، بل قضية عدالة إعلامية، واحترام للجهد، واعتراف بالدور.
الصحف الإلكترونية ليست هامشًا، بل نبضًا حيًا في جسد الإعلام الحديث.
فهل آن الآوان أن نُعيد النظر؟ أن نصحح المسار؟
لعل هذا المقال يكون بداية صوتٍ لا يقصى.

زر الذهاب إلى الأعلى