الرياض _ روزان المطيري
في عالمٍ مزدحمٍ بالأفكار والمؤلفات، يطلّ علينا الكاتب السعودي مازن ناصر بن مليح برحلةٍ فريدة بدأت من التدوين الشخصي وانتهت بتأسيس دار الكاتب، التي تحمل رؤيته الخاصة في صناعة النشر. في هذا الحوار، يفتح لنا قلبه ليحدثنا عن البدايات، التحديات، وأحلامه القادمة.
• البداية مع الكتابة
يقول مازن:
> “أنا محب للتدوين والكتابة، ولم تراودني فكرة النشر يومًا. لكن بعد سنوات من القراءة لاحظت ندرة الكتب التي تتناول منزلة الوطن، رغم وفرة الأدلة من القرآن والسنة وأشعار العرب، وحتى المباحث الطبية والجيولوجية. ومن هنا عزمت على تدوين كتابي الأول حب الأوطان من السنة والقرآن والنظم والبيان، جامعًا فيه بين سبعة علوم مختلفة.”
• التجربة الأولى مع دور النشر
بعد إنجاز كتابه الأول، عرض مازن العمل على عدة دور نشر، ليكتشف تفاوتًا كبيرًا في العروض والسياسات. اختار إحداها محليًا، وتمت طباعة الكتاب قبيل معرض الرياض للكتاب، حيث حقق المرتبة الأعلى مبيعًا. لكن سرعان ما واجه صدمة:
“ما إن انتهى المعرض حتى اختفى الكتاب من نقاط البيع دون أي تسويق يُذكر. كانت من أقسى التجارب أن يسأل القارئ عن كتابي فلا يجده.”
• أبرز العقبات في سوق النشر
تفاوت الأسعار بشكل مبالغ فيه.
وعود غير صادقة من بعض الدور.
التكاليف الفلكية.
غياب الاهتمام بالكتب ذات القيمة الفكرية.
رفع أسعار البيع بسبب الوسطاء والمطابع ونقاط التوزيع.
• من المؤلفات إلى التأسيس
بعد كتابه الأول، أصدر مازن كتاب في الصدر غاية وفي القرآن آية، وهو مجموعة خواطر إنسانية مرتبطة بآيات قرآنية، تبث التفاؤل وتدعو للتحرر من اليأس. ثم جاءت الخطوة الأهم: تأسيس دار الكاتب.
> “لم يكن هدفي نشر كتبي فقط، بل أيضًا مساندة المؤلفين المتضررين، وتبني المواهب الجديدة. فأنا مؤلف وأعرف حجم المعاناة مع سياسات النشر التقليدية. لذلك قررت أن تكون دار الكاتب بيتًا للمبدعين.”
• مستقبل الكتاب الورقي
> “يبقى للكتاب الورقي مكانته ورونقه الذي لا يزول. النشر الإلكتروني يتنامى لكنه سيظل مكمّلًا لا بديلاً. رائحة الورق ولمسة الكتاب بين يدي القارئ لا يعوضها أي جهاز.”
• مشاريع قادمة
رواية باللهجة النجدية تدور أحداثها في الإقليم النجدي.
إصدار موسوعة قصصية تضم أكثر من 70 قصة لسبعين كاتبًا من أنحاء الوطن العربي، لتكون كتابًا ثريًا يجمع أساليب متعددة وموضوعات متنوعة.
• رسالة للكتّاب والقراء
“الكتابة مسؤولية كبرى، وعلى الكاتب أن يتحرى الأمانة فيما يكتب. أما نحن في دار الكاتب، فنريد أن نفتح الأبواب أمام المواهب ونكسر حاجز التردد والخوف من النشر. لأن الكتاب ليس سلعة مادية فحسب، بل فكر وقيمة معرفية خالدة.”
• وفي الخاتمة
بهذه الروح، جمع مازن ناصر بن مليح بين شغف المؤلف ووعي الناشر. لم يكتفِ بكتابة كتبه، بل صنع من تجربته الصعبة مع دور النشر دافعًا لبناء صرح ثقافي يحتضن المبدعين. لتبقى رسالته واضحة:
النشر رسالة قبل أن يكون تجارة.