بقلم الكاتبة : شادية الغامدي
في خطوة نوعية تواكب مستهدفات رؤية المملكة 2030، أقرّ مجلس الوزراء السعودي الموافقة على تحديث نظام تملك الأجانب للعقارات داخل المملكة، وذلك خلال اجتماعه المنعقد بتاريخ 8 يوليو 2025. ويُنتظر بدء العمل بالنظام الجديد مطلع عام 2026، في خطوة يُتوقع أن تنعكس بشكل واسع على السوق العقاري، وقطاعات اقتصادية متداخلة معه.
أبرز ملامح القرار تنص على السماح للأفراد والجهات الأجنبية المرخصة بتملّك العقارات اللازمة لممارسة النشاط الاقتصادي والمهني، وفق شروط محددة، في مقدمتها:
• ألا تقل قيمة الاستثمار عن 30 مليون ريال سعودي.
• التزام المستثمر بتشغيل العقار ضمن مشروع اقتصادي فعّال خلال خمس سنوات من تملكه.
• قصر التملك داخل مكة المكرمة والمدينة المنورة على حالات محددة كالإرث أو الوقف، مع اشتراط الحصول على تراخيص استثنائية.
استقطاب الاستثمارات وتعزيز تنافسية السوق
يمثل هذا القرار رافدًا رئيسيًا لجذب رؤوس الأموال الأجنبية والعربية إلى السوق العقاري السعودي، الذي يعد من أكبر الأسواق الإقليمية وأكثرها تنوعًا. فمن خلال إتاحة التملك للأجانب، ستتاح الفرصة لشركات التطوير العقاري والفندقي والسياحي الدولية لتأسيس مشاريع كبرى داخل المملكة، بما يرفع مستوى التنافسية ويحسّن جودة المنتج العقاري.
توسيع المعروض العقاري ودعم التنمية العمرانية
يتوقع أن يؤدي فتح باب التملك إلى زيادة المعروض العقاري في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام، عبر تطوير مشاريع سكنية وتجارية جديدة. وسيسهم ذلك في تلبية الطلب المتنامي على الوحدات السكنية والمرافق الخدمية، بالتزامن مع الطفرة السكانية والاقتصادية التي تشهدها المملكة.
تنشيط القطاعات المرتبطة بالقطاع العقاري
لا يقف أثر القرار عند حدود سوق العقار وحده، بل يمتد إلى تنشيط قطاعات حيوية مثل:
• قطاع التشييد والبناء.
• قطاع التمويل والرهن العقاري.
• قطاع السياحة والفندقة.
• قطاع الخدمات اللوجستية.
ومن المنتظر أن يدعم تدفق الاستثمارات الأجنبية نمو هذه القطاعات ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.
دعم استقرار المقيمين وتلبية تطلعاتهم
وفق النظام الجديد، سيُسمح للمقيمين النظاميين بتملك عقار سكني واحد بعد الحصول على التراخيص اللازمة. وتعد هذه الخطوة جزءًا من سياسة المملكة لتعزيز الاستقرار الأسري والاجتماعي للمقيمين، بما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد المحلي.
ضمانات لحماية التوازن العقاري
على الرغم من الانفتاح الواسع، شدد النظام على جملة من الضوابط لضمان حماية السوق من المضاربات غير المنضبطة أو ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر. ويشمل ذلك:
• تقييد التملك داخل منطقتي الحرمين إلا وفق ضوابط دقيقة.
• اشتراط تشغيل العقار خلال فترة زمنية محددة لضمان جدية الاستثمار.
• منح صلاحيات للجهات التنظيمية لمتابعة الامتثال وتطبيق العقوبات على المخالفات.
ختامًا
يعكس القرار توجه المملكة نحو بيئة استثمارية أكثر انفتاحًا وتنافسية، مع الحفاظ على خصوصية المناطق المقدسة، وتوازن السوق العقاري بين مصالح المواطنين والمقيمين والمستثمرين الأجانب. ويُتوقع أن تسهم هذه الخطوة في إحداث نقلة نوعية، سواء على صعيد تنمية العمران، أو تنويع مصادر الدخل الوطني، أو خلق فرص العمل في قطاعات حيوية مترابطة.
إنها خطوة تؤكد التزام المملكة بإيجاد بيئة اقتصادية جاذبة، ترتكز على الابتكار والانفتاح والحوكمة الرشيدة، لتحقيق أهداف رؤية 2030 نحو مستقبل مزدهر.