رحلة عبدالله التركي في الإنتاج المسرحي: من التحديات إلى بناء الهوية الفنية

الرياض _روزان المطيري 

في زاوية من زوايا المشهد الثقافي السعودي، برز اسم لامع في مجال الإنتاج المسرحي، يروي قصته مع الخشبة والأضواء بروح عاشق للفن، وإيمان عميق برسالة المسرح. بدأ رحلته من خلف الكواليس، حيث تتشكل الحكايات قبل أن تُروى، وتولد الشخصيات قبل أن تراها العيون.

يقول عن بداياته:

“كانت البداية شغفًا، ثم تحوّلت إلى التزام ومسؤولية. لم يكن دخولي مجال الإنتاج المسرحي وليد صدفة، بل قناعة بأن المسرح قادر على التغيير، وأنه أحد أعمدة التعبير الثقافي في أي مجتمع حي.”

وعن التحديات التي واجهته، يضيف:

“لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. واجهنا نقصًا في البنية التحتية، وقلة وعي مجتمعي بأهمية المسرح، وضعف تمويل في البدايات. لكن الإصرار على تقديم تجربة فنية أصيلة جعلنا نتجاوز هذه العقبات واحدة تلو الأخرى.”

حتى اليوم، أنتج أكثر من عددٍ من الأعمال المسرحية التي تباينت في طبيعتها، من الترفيهي إلى التوعوي، ومن المسرح المفتوح إلى العروض الداخلية، ويعتبر أن أحد أبرز أعماله شكل نقطة تحوّل حقيقية في مسيرته. يقول:

“ذلك العمل لم يكن فقط عرضًا فنيًا، بل حوارًا مع الجمهور، ومصالحة مع ذواتنا، وفهمًا أعمق لما نريد أن نقوله كمسرحيين سعوديين.”

وحين سُئل عن شركته أو فريقه الإنتاجي، أجاب بثقة:

“نحن اليوم جزء من حركة مسرحية تتشكّل بهدوء، لكنها راسخة. نؤمن بأن الإنتاج ليس مجرد صناعة، بل ثقافة تُبنى وتُصان.”

أما عن رؤيته الشخصية، فيقول:

“هدفي ليس فقط إنتاج العروض، بل خلق بيئة تُنضج النصوص المحلية، وتُعيد الاعتبار للمسرح كفن يحمل هوية، لا مجرد ترفيه.”

ويتابع عن تطور المسرح السعودي قائلاً:

“ما نراه اليوم من حراك في الساحة المسرحية لم يكن ممكنًا قبل أعوام قليلة. الجمهور تغيّر، وتغيرت معه نظرة الدولة للفنون. هناك الآن اعتراف واضح بأن المسرح ضرورة، وليس ترفًا.”

وفي حديثه عن طموحاته المستقبلية، يوضح:

“طموحي في المرحلة القادمة هو الإسهام في بناء منظومة مسرحية متكاملة، تمتد من تطوير النصوص المحلية، إلى إنتاج عروض تمتاز بالجودة الفنية والهوية الثقافية، مرورًا بتأهيل كوادر جديدة تمتلك أدواتها باحتراف. كما أطمح إلى تأسيس مشاريع إنتاجية تدمج بين المسرح التقليدي والتقنيات المعاصرة، لتقديم تجارب فنية تواكب التحولات الاجتماعية والثقافية في المملكة.”

ثم يخاطب الجيل الجديد من المنتجين قائلاً:

“الإنتاج المسرحي ليس مجرد إدارة موارد، بل هو مشروع ثقافي متكامل، يتطلب رؤية، وإيمانًا بالفن، وقدرة على تحمّل المسؤولية. أنصحهم بأن يكونوا جزءًا من حركة تطوير حقيقية، وأن يشتغلوا على تنمية ذائقتهم، وفهم جمهورهم، والاهتمام بجودة النص قبل أي شيء. النجاح لا يأتي إلا لمن يحمل شغفًا حقيقيًا، ويعمل بصدق واستمرارية.”

وحين وصل الحديث إلى رؤية المملكة 2030، لم يُخفِ امتنانه للدعم غير المسبوق الذي قدمته الدولة لقطاع المسرح والفنون. يقول:

“رؤية المملكة 2030 أسهمت بشكل مباشر في إعادة صياغة المشهد المسرحي والإنتاج الفني، من خلال تحويل الفنون الأدائية إلى قطاع حيوي ومُمكَّن، يحظى بالدعم المؤسسي، والتخطيط الاستراتيجي، والفرص الاستثمارية.

من خلال إنشاء هيئة المسرح والفنون الأدائية، بدأت المملكة بتأسيس بيئة احترافية تهتم بتأهيل الكوادر، وتمويل المشاريع، وتنظيم المهرجانات، وتفعيل البنية التحتية للعروض. اليوم أصبح المنتج المسرحي شريكًا في بناء الوعي، وصناعة الذائقة، ونقل رسالة وطنية وثقافية، تنسجم مع القيم وتخاطب العالم بلغة إبداعية واثقة. وهذا كله ما كان ليحدث لولا الدعم الكبير والبنّاء الذي وفّرته رؤية المملكة.”

 

زر الذهاب إلى الأعلى