الغاط – أحمد الحيدر
اختتمت الأسبوع الماضي بدار الرحمانية بمحافظة الغاط فعاليات الدورة السابعة عشرة لمنتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع بعنوان: “ صحة المرأة النفسية وجودة الحياة”، بمشاركة أكاديميات سعوديات وخبيرات في شؤون الأسرة. وألقت رئيسة المنتدى أ.د. مشاعل بنت عبدالمحسن السديري، مساعدة المدير العام لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي كلمة افتتاح المنتدى فأكدت أهميةُ الصحة النفسية للمرأة، وللمجتمع؛ فعندما تتمتع المرأةُ بصحة نفسية سليمة فإنَّ عطاءها يتعاظم وتنعكس آثاره الإيجابية على الأسرة والمجتمع. وقالت إن هيئة منتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع اختارت هذا الموضوع ليكون محور دورته في هذا العام، شعورا منها بأهمية الصحة النفسية للمرأة التي تمثل نصف المجتمع، وتأثيرها يمتد إلى المجتمع كله سواء كانت ربة بيت أم عاملة في أي قطاع من قطاعات الوطن. وأشارت الدكتورة مشاعل إلى أن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي أولى المرأة منذ تأسيسه الاهتمام الذي تستحقه، وإشراكها في برامجه الثقافية والمجتمعية، وبحمد الله فإن حضور المرأة ملحوظ في أنشطة المركز، بل إنها تحقق حضورا لافتا سواء في المشاركة في التخطيط للأنشطة أو في تنفيذها والتفاعل معها، ما يؤكد جديتها في العمل وعزيمتها الدائمة نحو التميز والعطاء. وقالت إن المركز مكّن المرأة أن تتولى بنفسها البرامج الثقافية الخاصة باهتمامات المرأة والأسرة والطفل شعورا من إدارة المركز بقدرة المرأة ومعرفتها بالموضوعات التي تلائمها وتتلاقى مع اهتماماتها. ومنذ عشرين عاما جاء تأسيس مكتبة منيرة الملحم بمحافظة الغاط لتضطلع بالبرامج والأنشطة الثقافية المتعلقة بالمرأة والأسرة، وما هذا المنتدى السنوي الذي نلتقي فيه اليوم إلا واحد من مناشطها المهمة التي تعنى بالموضوعات التي تهم المرأة والأسرة على مستوى الوطن. وأشارت الدكتورة السديري إلى حصول المركز خلال العامين الأخيرين على جائزتين مهمتين الأولى كانت في العام بحصوله على جائزة وزارة الثقافية للمؤسسات غير الربحية ضمن مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية في دورتها الثالثة التي تُنظمها وزارة الثقافة، والثانية في هذا العام بحصول مبنى دار الرحمانية الذي ينعقد فيه هذا المنتدى على جائزة ميثاق الملك سلمان للتراث العمراني، ويعدُ ذلك شهادةً بالدور الذي يؤديه المركز في مجال الثقافة والتراث في وطننا الغالي. وأعلنت الدكتورة مشاعل السديري عن توقيع مذكرة تفاهم في مجال التثقيف والتوعية بالصحة النفسية بين مركز عبدالرحمن السديري الثقافي والمركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية تهدف إلى تنفيذ برامج توعية وتثقيف لنشر المعرفة في مجال الصحة النفسية، وتسعى لتكثيف الجهود من أجل ضمان جودة حياة أفضل. كما أعلنت الدكتورة السديري عن إطلاق مبادرتين جديدتين هذا العام في مجال الصحة النفسية وتعزيز التنمية الاجتماعية لدعم مخرجات هذا المنتدى، هما: مبادرة الصحة النفسية ‘حياة متوازنة’؛ ومبادرة ‘أُسرة متلاحمة’، وتتضمن كلا المبادرتين تنفيذ سلسلة من الندوات واللقاءات، التي تهدف لنشر المعرفة والتوعية المجتمعية في مجال الصحة النفسية للمرأة لتحقيق تلاحم الأسرة وجعلها أقل عُرضه للاضطرابات النفسية. وكانت الجلسة الأولى للمنتدى بعنوان الصحة النفسية للمرأة وجودة الحياة، أدارتها الدكتورة منى بنت عبدالله آل مشيط عضو اللجنة الصحية بمجلس الشورى، التي أشادت بالدور الذي يقوم به مركز عبدالرحمن السديري الثقافي في طرح قضايا حيوية تُسهم في بناء مجتمع متماسك وداعم للمرأة؛ وقالت إن هذا المنتدى يسعى لدعم المرأة وتعزيز الاهتمام بصحتها النفسية سعيا لتوفير بيئة داعمة تساعد النساء على النمو الشخصي والمهني وتزويدهن بالأدوات اللازمة لمواجهة التحديات المختلفة. وكانت المتحدثة الأولى في الجلسة د. هيا سعود زيدان مدير عام إدارة لجان الأسرة بمجلس شؤون الأسرة فأكدت الترابط بين الصحة العقلية للمرأة وجوة الحياة، وأهمية فهم العوامل التي تؤثر على تلك العلاقة، وأشارت إلى تأثير العوامل البيولوجية عبر مراحل حياة المرأة وتأثيرها على صحتها النفسية، إضافة إلى العوامل الاجتماعية وتأثيرات المجتمع على حياة المرأة، وما تعانيه من ضغوط نفسية ناتجة عن الأدوار المتعددة التي تؤديها المرأة. وأكدت الدكتورة هيا أهمية التوعية والتثقيف بهذه القضايا وتوفير فرص التعليم للمرأة لتمكينها من التهيئة النفسية والمعرفية للتأقلم مع المتطلبات والأدوار التي تقوم بها سواء داخل الأسرة أو في حياتها المهنية والاجتماعية. وكانت المتحدث الثانية في الجلسة الأولى الدكتورة براء مازي عضو هيئة التدريس بجامعة الفيصل واستشارية الطب النفسي ومديرة برنامج زمالة الطب النفسي، التي استعرضت حقائق عن الاضطرابات والأمراض النفسية لدى المرأة، وأكدت الدراسات أظهرت أن النساء معرضات بنسبة الضعف مقارنة بالرجال للإصابة ببعض الاعتلالات النفسية مثل الاكتئاب والقلق وغيرهما. أما الجلسة الثانية للمنتدى فكانت بعنوان مهددات الصحة النفسية وسبل الوقاية منها وعلاجها، أدارتها د. ياسمين التويجري كبيرة الباحثين ورئيسة قسم الإحصاء والبحوث الوبائية في مستشفى الملك فيصل التخصص ومركز الأبحاث. وتحدثت في بداية الجلسة د. أسماء القصيّر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، فاستعرضت التحديات النفسية التي تواجهها المرأة في بيئة العمل، وركزت على الضغوطات غير المرئية التي تعاني منها المرأة وتتفادى التصريح بها خوفا من العواقب الوظيفية. ودعت الدكتورة أسماء لإعادة بناء تصور لنهج دعم الصحة النفسية للمرأة في بيئة العمل، وجعله جزءا أساسيا من معايير النجاح المهني، وتوفير خيارات مثل ساعات العمل المرنة وإجازة الأبوة والأمومة بهدف خلق بيئة عمل صحية معززة للدور الذي تقوم به المرأة العاملة. وكانت المتحدثة الثانية في الجلسة د. هند الحربي، الأخصائية النفسية بمدينة الملك سعود الطبية والمستشارة في المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية، فأكدت أن الدراسات أثبتت أن ثلث الأفراد الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية لا يطلبون المساعدة من مقدمي الخدمات النفسية، وعلى المستوى المحلي في المملكة أظهر المسح الوطني للأمراض النفسية أن 83% ممن يعانون من اضطرابات نفسية لا يتلقون أي علاج نفسي. ودعت إلى تفعيل الدور التثقيفي والمعرفي للمجتمع في مجال الصحة النفسية لإبراز الأدوار التي تقوم بها الجهات المختصة في تقديم الخدمات النفسية الرسمية منها والخدمات الطبية. وقالت رئيسة المنتدى أ.د. مشاعل بنت عبد المحسن السديري إن المنتدى هذا العام حرص على الخروج بالتوصيات الآتية: تعزيز ثقافة الاهتمام بالصحة النفسية كجزء أساس من الحياة اليومية، سواء في بيئة العمل أو في المجتمع، وتشجيع القيادات على تقديم نماذج إيجابية وداعمة. تعزيز سياسات العمل الداعمة لتحقيق التوازن في حياة المرأة بين المسؤوليات الأسرية والمهنية، كتوفير خيارات مرنة في مجال العمل، على سبيل المثال: فترات استراحة، إجازات مرنة، والعودة التدريجية للعمل بعد فترات الانقطاع الطويلة. تطوير أنظمة العمل ومراجعتها بشكل مستمر استنادا إلى ملاحظات الأفراد واستطلاعات الدورية لضمان استجابة فعالة لاحتياجات المرأة المختلفة. تكثيف التوعية في مجال الصحة النفسية للمرأة منذ مراحل حياتها المبكرة، وبناء القدرات والمهارات لمساعدتها في مواجهة التحديات الحياتية، وتطوير وتطبيق برامج توعية لتعزيز القبول الذاتي وبناء الثقة بالنفس. إنشاء برامج شاملة لدعم المرأة مثل التهيئة لمرحلة المراهقة، والزواج، والأمومة، والتعامل مع الظروف الخاصة كالأمراض المزمنة أو الانفصال. تحسين جودة الخدمات النفسية المتاحة، وتوفير مصادر الدعم المجتمعية؛ كإنشاء مساحات آمنة للدعم المجتمعي، مثل مجموعات الدعم والمراكز التي تقدم استشارات نفسية، لمساعدتها في مواجهة التحديات والضغوطات اليومية، مع عدم إهمال الفئات ذات الاحتياجات الخاصة مثل ذوي الإعاقة والايتام. رفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية الصحة النفسية ودورها في تعزيز رفاه الأسرة والمجتمع؛ لضمان التغلب على الوصمة المرتبطة بالصحة النفسية. الاستفادة من التطور التكنولوجي والتقني في إطلاق خدمات رعاية صحية نفسية إلكترونية (العيادات الافتراضية)، وصدار أدلة وضوابط تنظيمية للخدمات النفسية الإلكترونية بإشراف الجهة ذات الاختصاص لضمان التنظيم والجودة. تحسين التغطية الصحية النفسية عبر التأمين الصحي والعيادات الافتراضية، وتعزيز السياسات التي تدعم حصول النساء على خدمات الصحة النفسية بأسعار معقولة؛ ما يقلل من الأعباء المالية التي تعيق الوصول لها.