نتفق جميعاً أن البر توفيق من الله وقسمة يقدرها من عنده ويجعلها من الأباء للأبناء ومن الأبناء للأباء ، وإذا تجاوزنا الموقف الذي ضرب لنا فيه أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه المثل في ضرورة بر الأب لأبنه بقوله “أن ينتقي أمه ويُحسن إسمه ويعلمه القرأن” ، فإن السمعة الطيبة والسيرة الحسنة التي يكون عليها الأب ومنزلته في مجتمعه وحبه لنفع الناس وإحسانه لهم وإيجابيته وجميل تواصله ولطفه وتواضعه ومساعدة للمحتاجين والمساكين والأرامل والأيتام حتى أصبح أب من لا أب له ، مع الحفاظ على النشء وتربيتهم على الفضائل ومكارم الأخلاق وإهتمامه بتعليمهم هي من الطبيعي حق للأبناء على أبائهم إن إستطاعوا وتمكنوا وأعانهم الله ، كذلك هي السيرة الحسنة تاج من الأباء على رؤوس ألأبناء ، ولكون صلاح الأب وسيرته الحسنة هي فخر للإبن ويتوارثها بعده الأحفاد من الذرية فإن صلاح الأبناء في حياة الوالد هو من عاجل بشرىٰ المؤمن لانه لهم القدوة في سيرته والنبراس في فضيلة ، وتواتر الصلاح ودوامه في المجتمع يعكس التنامي في بناء القيم ومكارم الأخلاق وتكوين المثالية والإيجابية في أبهىٰ صورها حتىٰ تصبح ثقافة مجتمع سائدةً في سلوكة وأخلاقه وأهله وهي قنوات تواصله الداخلي ونفعه للمحتاج ، وهذا يترك أثراً جميل يستهدفه الفضلاء في تنمية المجتمع وبناء الأسرة وحسن قوامها وتمتين علاقاتها .
وعبدالرحمن العبدالله الصالح صاحب أثر متعدد ومتعدي وهذا يعني أن سيرته رحمة الله عليه ميراث نافع لأهله من أبناء وبنات ولمجتمعه الذي عاش معه وأخذ عنه واقتدىٰ به وسيأخذ كلٌا بنصيب وافر من هذا الميراث وستتواتر الفضائل بعده وينعم الناس بثمار مازرعه فيهم وبينهم ، وهذا لا يأتي به كُل احد ولكنه فضل الله يؤتيه من يشاء ، وهو مايؤكد عليه ديننا القويم وما نأخذه عن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه فهو القدوة ومنه تؤخذ السيرة ، ولو علم الأباء سعادة الأبناء بما عليه والديهم وفخرهم بهم وكيف تكون هذه السيرة مشعل نور وهداية وقيمة مضافة لهم بل إن تلك السيرة الطيبة تقدمهم بين الناس لعملوا على ذلك كثيراً ، فكلما إرتقىٰ فعل الأفراد وبذلهم وإيجابيتهم ارتقىٰ عطاء المجتمعات وتقدم أهلها ، فرحم الله من جعلنا سنام أهدافه ومنتهى إهتمامه فعلمنا وهذبنا وأنار لنا الطريق وهدانا للرشاد.
ختاما ،، ليس من باب المبالغة ولكنها حقيقه يعيشها كل من فقد قدوةً واسوةً حسنة فقد شعرت بعد فقد الصديق والأخ وابن العم والمربي عبدالرحمن العبدالله الصالح رحمه الله أن للحزن وزنٌ ملموس مادياً وليس نفسياً فقط ، فبرحيله أناخ الحزن بثقله على أكتافي وأثقل خطواتي فشعره أنني أحمل وزنا لا طاقة لي به ولا قدرة لي عليه ولكنني أستعين بالله ثم بالفرحة بصلاح ذريته ونقاء سريرته وطهارة رسالته وحزن الناس عليه ودعائهم له وذكره بالخير في كل التفاصيل والتنافس في الحديث عن مآثره وسلوكياته وفي حبه للناس وتواصله معهم وتربيته للنشىء وقد جاوزوا في اهتمامه خمسة عقود وأصبحنا بفضل الله نفرح بما يقال عنه ولو فقدناه ، وهذه سنة الله في خلقه ونهاية كل حي ، والناس في الفضل ليسو سواء وعبدالرحمن الصالح رحمه الله ليس ككل الناس ، ونحمد الله أننا في مجتمع ولادٍ لأهل الفضيلة ومحفزاً عليها ومشيداً بأهلها وستبقى السيرة الحسنة ميراث لا ينضب للأهل والولد والمجتمع، رحم الله صاحب المبادرة في كل ماينفع الناس وجمعنا به جميعاً في مستقر رحمته بعد عمر طويل وحسن عمل وطيب ختام ودوام أثره ومسيرة الفاضلة .