كلمة فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان في قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع دول آسيا الوسطى

جدة ـ زبيده حمادنه

صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد للمملكة العربية السعودية،

أصحاب الجلالة والسمو والفخامة، زعماء الدول ورؤساء الوفود،

معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية،

السيدات والسادة!

بدايةً أود أن أعبر عن خالص شكري وامتناني لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على دعوتهما إلى قمة اليوم وعلى كرم الضيافة.

كما أهنّئ قيادة المملكة العربية السعودية بمناسبة التنظيم الناجح لموسم الحج هذا العام.

إن دول آسيا الوسطى تربطها بدول الخليج علاقات تاريخية وثقافية وروحية مشتركة.

لقد قدمت شعوبنا إسهامات مشهودة على مر العصور في إثراء الحضارة العالمية عبر الاعتماد على القيم المشتركة.

وهذه التقاليد الطيبة تخدم اليوم أيضاً كقاعدة معتمدة للتنمية الشاملة للعلاقات الودية والتعاون بين بُلداننا.

إن طاجيكستان منذ الأيام الأولى لاستقلالها تبنَّت تعزيز العلاقات المتشعبّة مع الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية كواحد من الاتجاهات المهمة في سياستها الخارجية ، ولديها رؤية إيجابية لمستقبل هذه العلاقات.

وفي هذا السياق نحن نؤيد إطلاق مبادرة إيجاد حوار استراتيجي بصيغة  “آسيا الوسطى – الخليج”.

ونحن على استعداد لتعزيز التعاون المثمر في مختلف قطاعات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والثقافة وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك في إطار “خطة العمل المشترك لفترة 2023-2027”.

ويهيئ هذا الأمر أرضية مواتية لتنفيذ مشاريع محددة.

وفي هذا الصدد ننوه إلى أهمية توظيف قدرات المؤسسات المالية لدول الخليج العربية، بما في ذلك صناديق التنمية في المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر، وكذلك مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ومؤسسة الشيخ زايد ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية لتحقيق هذه الأهداف.

وفي هذا السياق، نعرب عن تطلعنا إلى جذب الاستثمارات من دول حوض الخليج إلى اقتصاد طاجيكستان.

وفي هذا الصدد ، أقترح إنشاء صندوق خاص لدعم الاستثمار والتنمية في صيغة “آسيا الوسطى – الخليج”.

مع الأخذ في الاعتبار التحولات العالمية الحالية ، أؤكد مرة اخرى على ضرورة إنشاء صندوق خاص للاستثمار والتنمية في إطار منظمة التعاون الإسلامي لتقديم الدعم المالي للدول النامية في العالم الإسلامي.

وتجدر الإشارة إلى أن الاتجاهات ذات الأولوية لَدينا لتنفيذ المشاريع الاستثمارية تشمل مجالات الطاقة والصناعة ولا سيما الصناعات الخفيفة والأغذية والتعدين والزراعة والشؤون البنكية والسياحة والمعلومات والاتصالات ورقمنة الاقتصاد وما لدى الأطراف من القدرات الخاصة بالترانزيت والنقل.

وإن طاجيكستان التي تتمتع بإمكانيات هائلة من الطاقة المائية تسعى نحو تطوير قطاع “الطاقة الخضراء” لصالح المنطقة بأكملها من خلال إقامة سلسلة من محطات الطاقة ذات القدارات المختلفة.

ونحن نتطلع إلى أن دول الخليج العربية ومؤسساتها المالية ستبادر باستثماراتها في تنفيذ مشاريع الطاقة الكهرومائية.

كما أن إقامة مشاريع مشتركة لتصنيع المنتجات الزراعية العضوية بغرض تصديرها إلى أسواق دول الخليج من شأنها أن تكون من المشاريع الواعدة لتعاوننا المثمر.

تولي طاجيكستان اهتمامًا خاصًا بتنفيذ المشاريع التجارية والاقتصادية ومشاريع النقل والاتصالات ذات الأهمية الإقليمية.

وفي هذا السياق ننوه إلى أهمية جذب التمويل من دول الخليج العربية لإنشاء الطرق السريعة والسكك الحديدية الحديثة للوصول إلى الموانئ البحرية.

وإننا  مع الأخذ في الاعتبار قدراتنا الهائلة، نؤكد على استعدادنا لاتخاذ خطوات مشتركة فعالة لتوسيع التعاون في مجال السياحة.

وما قامت به طاجيكستان من مبادرة أحادية الجانب لإطلاق نظام الإعفاء من التأشيرة لمواطني دول منطقة الخليج عام 2022 سيسهم في تفعيل هذا المسار بشكل مثمر.

ونحن نرى أن تنمية التعاون في المجال الإنساني بُغيةَ تعزيز الصداقة والتقارب بين شعوب بُلداننا هي أمر في غاية الأهمية.

وفي مجال العلوم والتعليم ، ننوه إلى أهمية إقامة علاقات التعاون بين جامعات آسيا الوسطى ودول الخليج من أجل تبادل الخبرات والبحث العلمي وتنفيذ برامج التدريب المهني، ولا سيما في مجال العلوم الدقيقة.

والمؤسسات المختصة في بلداننا يتحتّم عليها أن تقوم بمبادرات مشتركة لإيجاد آليات فعالة لتوسيع التعاون في مجال الصحة.

إن عملية إنشاء المؤسسات الإنتاجية المشتركة لصناعات لأدوية والمختبرات الطبية المشتركة وتبادل الخبرات والمعلومات حول الأوبئة والتطعيم من شأنها أن تكون نموذجاً بارزاً للتعاون في هذا المسار.

وفيما يخص العلاقات الإنسانية، فإننا ندعم المبادرات الثقافية المشتركة للشباب، مثل “منتدى شباب مناطقنا”.

ونرحب بإقامة مختلف الأحداث الرياضية في إطار الاتحادات الدولية والقارية والإقليمية.

هناك قضية أخرى يجب التركيز عليها وهي التحولات الكلية في نظام العلاقات الدولية والتي تحدث اليوم تحت وطأة المنافسات الجيوسياسية العالمية.

وإن مناطقنا ليست بمعزل عن هذه التحولات.

وفي ظل الظروف الحالية للتهديدات والتحديات الأمنية العالمية ، من الضروري لبلداننا إقامة اتصالات وتعاون أوثق لحل القضايا الإقليمية والدولية.

في هذا المسار، أرى أنه من المهم أن نفعّل تعاوننا في مجال مكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود ، وخاصة تهريب المخدرات.

وتقتضي المصلحة تبادل المعلومات والاستفادة المتبادلة للخبرات  في هذا المجال.

وفي هذا الصدد، أود أن ألفت انتباهكم إلى الوضع العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي المعقّد في أفغانستان.

إن طاجيكستان لطالما كانت تدعو لحل سلمي للقضية الأفغانية ولا تزال متمسكة بهذا الموقف.

في الوقت نفسه ، فإننا نرى أن إقامة حكومة شاملة بمشاركة فعالة لممثلي جميع المجموعات العرقية والسياسية والاجتماعية وضمان حقوق وحريات المواطنين، وخاصة النساء والفتيات ، من شأنها أن يخلق في أفغانستان أرضية صلبة لتحقيق السلام والاستقرار.

نحن نساند كل الجهود السياسية والدبلوماسية الرامية لحل مشاكل أفغانستان ومبادرات إيصال المساعدات الإنسانية لشعبها.

وإننا على استعداد للتعاون البناء مع دول الخليج العربية في هذا الاتجاه.

إن المجتمع الدولي يحتاج اليوم في واقع الأمر، أكثر من أي وقت مضى، إلى تعاون فعال بشأن تغير المناخ.

وإنني إذ أعرب عن امتناني لدعم مبادرات طاجيكستان العالمية على هذا الصعيد، أتطلع إلى أننا سنواصل تعاوننا المثمر في المستقبل أيضاً على تسوية قضايا المياه وتغير المناخ.

وفي الختام ، أقدم مجدداً الشكر للمملكة العربية السعودية على التنظيم الناجح لهذه القمة.

وإنني على ثقة من أن قمة اليوم ستفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف بين بُلداننا وستمثل قاعدة مواتية للانطلاق نحو تطوير وتعزيز علاقات التعاون بما يعود بالنفع على كافة الأطراف.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى