عيد برائحة الدماء في السودان.. هدنة “غير موجودة”

استمع الى هذا الخبر

في أول أيام عيد الفطر، يعيش الشارع السوداني حالة “خوف وترقب وارتباك”، بسبب الصراع الدائر بين الجيش السوداني، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب بـ”حميدتي”، وفقا لما ذكره عدد من الناشطين والصحفيين

هدنة مرتقبة

خلفت الاشتباكات المستمرة منذ 15 أبريل، خصوصا في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور (غرب)، “أكثر من 330 قتيلا و3200 جريح”، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وأكد تحالف القوى المدنية المعروفة بـ”قوى الحرية والتغيير”، أنه قدم اقتراحا بهدنة لمدة ثلاثة أيام لطرفي الصراع، مضيفا أنهما رحبا بالاقتراح.

 

وذكر التحالف في بيان “نرحب بالموقف الإيجابي لقيادة القوات المسلحة السودانية والدعم السريع وسنواصل الجهود أملا في إسكات صوت البنادق وترجيح الخيارات السلمية”، مضيفا أنه سيواصل العمل على بقية التفاصيل.

من جانبها قالت قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان إنها وافقت على هدنة إنسانية لمدة 72 ساعة تبدأ في السادسة صباح الجمعة بالتوقيت المحلي (0400 بتوقيت جرينتش)، مما يفسح المجال لتهدئة محتملة لقتال مستمر منذ ستة أيام مع الجيش السوداني.

وأضافت في بيان أن “الهدنة تأتي تزامنا مع عيد الفطر المبارك ولفتح ممرات إنسانية لإجلاء المواطنين وإتاحة الفرصة لهم لمعايدة ذويهم”.

وتابعت أنها أجبرت على الدفاع عن النفس للتصدي إلى ما وصفته بأنه “انقلاب قيادة القوات المسلحة”، وذكرت أنها ملتزمة “خلال فترة الهدنة المعلنة بالوقف الكامل لإطلاق النار”.

على جانب آخر، لم يصدر الجيش السوداني أي تعليق بخصوص الهدنة حتى الآن، بينما  أكد قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في كلمة مصورة على شعار “جيش واحد، شعب واحد”، بما يمكن البلاد من الانتقال لـ”الحكم المدني”.

“عيد برائحة الدماء”.

الجمعة، هزت انفجارات وقصف مدفعية العاصمة السودانية الخرطوم، على الرغم من أنباء عن ترحيب طرفي الصراع في البلاد بهدنة مقترحة خلال عطلة عيد الفطر.

وقالت لجنة أطباء السودان المركزية: “تعرضت قبل قليل وما زالت تتعرض مناطق متعددة من الخرطوم للقصف والاشتباكات المتبادلة بين قوات الجيش والدعم السريع مخلفة دمار طال المباني والمنشآت والممتلكات العامة”.

وفي الخرطوم البالغ عدد سكانها أكثر من خمسة ملايين نسمة، تسرع العائلات بالخروج إلى الطرق والفرار هربا من الغارات الجوية والرشقات النارية والمعارك في الشوارع.

ويرصد مدير وكالة ون برس الإخبارية، عوض الله نواي، أجواء “عيد بطعم الدماء ورائحة البارود” في العاصمة السودانية.

ولا عيد في الخرطوم، ولا توجد “تكبيرات وتهليلات”، بعدما امتزجت رائحة البارود بطعم الموت في الشوارع نتيجة الجثث ملقاة على الطرقات

ويشير إلى أن الاشتباكات مستمرة ومتواصلة ومتكررة ولم تتوقف وأصوات طلقات النار تأتي من كافة الاتجاهات في بحري الخرطوم وأم درمان.

وجميع المحلات والأسواق مغلقة، والمياه الشرب منقطعة في بحري، والتيار الكهربائي “غير منتظم” وهناك أعطال متفرقة، حسب نواي.

ويقول إن قطاع واسع من المواطنين رحلوا ونزحوا عن الخرطوم، حيث لا توجد أي أي مظاهر أو مؤشرات تشير لـ”هدنة”.

اليوم الأكثر رعبا

يتحدث الصحفي والناشط السوداني، حمور زيادة، عن أجواء عيد استثنائي تعيشه السودان، ويقول إن “الحياة توقفت تماما في شوارع عدة مدن سودانية نتيجة الصراع المتصاعد بين الجيش والدعم السريع”.

كان الخميس اليوم الأكثر رعبا في السودان منذ بدء الصواع بين الجيش والدعم السريع، وشهدت شوارع الخرطوم تصعيدا للمعارك واشتباكات مسلحة وقصف وهجم بري قادة الجيش السوداني، حيث يحاول كل طرف تحقيق مكاسب ما قبل بدء “الهدنة المرتقبة”، وفق زيادة.

وذكرت جماعة أطباء إن ما لا يقل عن 26 شخصا لقوا حتفهم وأصيب 33 في مدينة الأبيض غربي الخرطوم، الخميس، وتحدث شهود عن اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريعة وأعمال نهب واسعة النطاق.

ويقول زيادة “الوضع الإنساني يتفاقم، وهناك انقطاعات متفرقة للتيار الكهربائي، والجميع يترقب بحذر ماذا سوف يحدث خلال الساعات القادمة”.

والخميس، وفر آلاف المدنيين من العاصمة الخرطوم وسط إطلاق نار وانفجارات، وعبرت أعداد كبيرة الحدود إلى تشاد هربا من القتال الدائر في منطقة دارفور بغرب السودان.

معاناة في شرق السودان

ينقل وائل علي، وهو صحفي وناشط السوداني مقيم في بورتسودان (شرق)، أجواء شوارع المدينة، ويقول “المواطنون عجزوا عن شراء مستلزمات العيد نتيجة إغلاق البنوك، وعدم تلقي الموظفين رواتبهم الشهرية”.

وتضاعفت أسعار السلع الغذائية والمستلزمات الأخرى، نتيجة عدم وجود سيولة لدى المواطنين، ما يدفعهم للاعتماد على “الشراء بالدين”.

ويتحدث عن حالة ترقب يعيشها الشارع قبيل “الهدنة”، وسط اشتباكات تسببت في مقتل وإصابة مدنيين نتيجة “رصاص عشوائي”، الخميس.

ولا توجد أجواء لـ”العيد الصعب” في ظل معاناة المواطنين من غياب “مظاهر الدولة” خاصة في الخرطوم، وهناك تخوفات وترقب من قبل المواطنين لما سوف تسفر عنه الساعات المقبلة، حسب علي.

زر الذهاب إلى الأعلى