أحمد الحيدر – الغاط
دار الرحمانية، التي أقيمت بمدينة الغاط، مسقط رأس معالي الأمير عبدالرحمن السديري، وقدربطته بها علاقة نشأته بها وماضي أسرته فيها، ورغم طول الوقت الذي قضاه المؤسس بعيداً عن الغاط إلا أن ذلك لم يصرفه عنها، وبناء على رغبته أنشأ أبناؤه وبناته في العام 1424هـ (2003م)، مركزاً ثقافياً في محافظة الغاط، أطلق عليه اسم (دار الرحمانية)؛ وهو فرع لمؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية، له وقف مستقل، وأهدافه تنبثق من الأهداف الأساسية لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي.
وتقع دار الرحمانية وسط بستان العرنية (المزرعة التي وقفها المؤسس بتاريخ 3/6/1407هـ لوالديه – غفر الله لهما – ويصب ريعه في تمويل دار الرحمانية).
المباني الطينية والأقواس النجدية
قد أخذ تضميم دار الرحمانية في الاعتبار البيئة الريفية المحيطة بها في مدينة الغاط؛ فظهر المبني بطابع نجدي، تتجلى فيه المباني الطينية والأقواس النجدية، والمسجد ذي المصلى المفتوح على الفناء.
ولعل أبرز ما يميز مبنى دار الرحمانية هو استعمال مواد طبيعية في البناء؛ أكثرها من البيئة المحلية، مثل:مكعبات القش (بالات التبن المحلي) كوحدة أساسية في تشييد الجدران وأبراج التهوية، مع غطاء الطين،وجريد النخيل والأخشاب في الأسقف، وحجر الغاط في تكسية أرضية المبنى والمناطق المجاورة له، إضافةإلى استخدام الخيمة سقفًا لقاعة المحاضرات. هذا الأسلوب في العمارة – إضافة إلى العنصر الجمالي وطابعه النجدي المميز – رفع خواص العزل الحراري للمبنى، وخفض تكاليف الطاقة الكهربائية المستخدمة في التبريد، ما عزّز علاقته بأصالة البناء التقليدي في أبنية الغاط التراثية، وهو يلخص بحق الرسالة الأساس للمركز.
مكتبة منيرة الملحم
ومن بين المنشئات الثقافية التابعة لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي أيضاً، هناك مكتبة منيرة الملحم التيشيدت وجرى تأسيسها، ويجري تشغيلها من مال أوصت به منيرة بنت محمد الملحم – يرحمها الله – حرم الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري – رحمه الله – وتبلغ مساحة المكتبة خمس مائة متر مربع (500م2).
وتتكون المكتبة من قاعة للمطالعة تحوي مراجع وكتباً من مختلف أنواع المعرفة، وهي مرتبطة بفهرس موحد مع مكتبة الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري؛ ما يتيح للزائرة الحصول على أي كتاب موجود في كلا المكتبتين، إضافة إلى توافر وحدات للمطالعة الخاصة. كما يوجد في المكتبة ركن للإنترنت. وقد أولت المكتبة عنايتها بالطفل؛ فأوجدت ركنًا خاصًا به تم تجهيزه بالأثاث والكتب والمواد السمعية والبصرية المناسبة للطفل. ترتبط المكتبة بدائرة تلفزيونية مع قاعة الأمير سلطان بن عبد العزيز للمحاضرات بدار الرحمانية. وقد افتتح المكتبة رسميًا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –عام 2007 عندما كان أميراً لمنطقة الرياض.
المؤسس
ولد الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري – مؤسس مركز عبدالرحمن السديري الثقافي – في مدينة الغاط في العام 1338هـ/ (1920م). عمل أميراً للجوف في الفترة من 1362هـ إلى 1410هـ (1943م– 1990م). وخلال توليه الإمارة كرَّس حياته وإمكاناته لخدمة المجتمع ولتحقيق النمو والتطور في المنطقة.
كما كرّس حياته لخدمة الوطن بشكل عام ومنطقة الجوف ومحافظة الغاط بشكل خاص. وعمل على المستويين الرسمي والخاص لخدمة العلم والثقافة، وصاحب ذلك إطلاق مبادرات ثقافية واجتماعية لتكون نماذج يحتذى بها. اقتصر تعليمه على الكتّاب، لكنه، لم يتوقف عند ذلك، بل ظل يبذل جهوده لتنمية ثقافته وخبراته التي استثمرها في خدمة المجتمع. لم يكن يفرق بين دوره كمسؤول ودوره كمواطن، بل امتزجت حياته وأنشطته بالهم الوطني العام الرسمي والخاص، وكان يحرص على ملامسة حياة أفراد المجتمع واحتياجاتهم مباشرة ومن دون أن يكون هناك أي حواجز بينه وبينهم.