كتاب الرأي

“وادي حلي” جمال طبيعة وكرم سكان

‏بدعوة كريمة من أهالي مركز حلي ومنهم الأستاذ “أحمد الغبيشي” قائد هايكنق حلي لزيارت المركز وإقامة هايكنق بوادي حلي يومي الخميس والجمعة الموافق ٢٤-٢٣ /١٤٤٣/٧هـ

‏ولمعرفتي ما يتمتع به هذا الوادي وهذه المنطقة من عمق تاريخي وإرث حضاري أحببت المشاركة بهذا البرنامج للإطلاع عن قرب وكذلك مقابلة أهالي حلي و الإستفادة من ما لديهم من معلومات .

‏وقد إجتمع مايربو عن ١٣٠ مشارك من مختلف مناطق المملكة من محبي رياضة الهايكنق والمشاة.

وهنا سأتطرق إلى نبذة بسيطة و تاريخية عن مركز حلي :

‏يتبع المركز إداريًا إلى محافظة القنفذة بإمارة منطقة مكة المكرمة ويقع في جنوب المحافظة ويبعد عنها حوالي ٧٠ كلم ،والمساحة الإجمالية للمركز ( ٩٣٢) كلم٢،وعدد السكان (٤٧٠٠٠)نسمة عام ١٤٣١هـ ولو أخذنا نسبة الزيادة السكانية السنوية ٢،٥./. حتى هذا العام ١٤٤٣هـ فإن عدد السكان الحالي قد يتجاوز (٦٠٠٠٠) نسمة .
ويمتد الوادي إلى ‏أكثر من ١٦٠ كم إبتداءً من منابعه في رجال ألمع وبارق وجبال السروات ‏وجبال الحجاز حتى مصبه في البحر الأحمر ، ومن روافده أودية كبيرة كوادي تيه ووادي بقرة وغيرها . ويعتبر من أهم و أطول الأودية في منطقة تهامة ونظراً ‏لوجود السهول الزراعية الشاسعة والخصبة على ضفتي الوادي فقد سكنه الإنسان من قديم الزمان، ويشتهر سابقًا بالزراعة مثل زراعة القمح والدخن والسمسم ، وكانت تنتج بكميات تجارية تصدر إلى المناطق المجاورة للوادي ، والآن بالإضافة إلى ماسبق يزرع بالوادي أشجار الفاكهة كالمانجو وغيرها من الفواكه والخضروات وبكميات كبيرة .
كما يذكر أنه قد قامت في هذا الوادي سلطنة تدعى (سلطنة حلي بن يعقوب )في القرن الرابع الهجري وإستمرت هذه السلطنة حتى القرن الثالث عشر الهجري.
‏ويوجد في حلي الحرة الجنوبية التي تحتوي على أطلال لدوائر حجرية مبنية بأشكال هندسية ومساحات معينة ذكر الدكتور عيد اليحيى أنها ربما تكون مدافن بشرية تعود لما قبل التاريخ أو للعصر الحجري الأول ،وقد حاولنا أثناء الزيارة لها أن نبحث عن النقوش أو الكتابات الأثرية ولكن الوقت لم يسعفنا لذلك ،ولم نجد الإجابة الشافية عنها، ولاحظنا تعطش كبير من السكان لمعرفة عمقها ومدلولها الأثري والتاريخي .
كما أن هناك دلالات ‏على أهمية هذا الوادي تاريخياً ،ومنها الكثافة السكانية العالية وكذلك التمازج السكاني الرائع حيث يسكن الوادي عدد كبير من القبائل بتآلف وتكاتف ومحبة ،
ولأهمية هذا الوادي فقد قامت الدولة حفظها الله بإنشاء سداً كبيراً على هذا الوادي تم إفتتاحه عام ٢٠٠٩ م وتقدر طاقته التخزينيه ب(2,500,000 )متر٣ وإرتفاع هذا السد 95 م ،وعرضه (٣٨٤م ) ،ويعد ثاني أكبر سد في المملكة العربية السعودية بعد سد الملك فهد في بيشة وإنحدار المياه خلال جريان الوادي 17.5 م ومياه الوادي عذبة وتغذي مياه الوادي محطة تحلية مياه الشعبية عبر أنبوب (وهذا التخطيط من وزارة البيئة والمياه والزراعة على درجة كبيرة من الإحترافية والنظرةالمستقبيلة المدروسة )لدعم تغذية المشاعر المقدسة بمكة المكرمة عند الحاجة لذلك .
وهذه المميزات للوادي من أهم أسباب الإستيطان المبكر بالوادي ، ويجري الوادي خلال معظم فترات السنة والناظر إلى الوادي من فوق أحد الجبال المحيطة به يرى واحة كبيرة خضراء غاية في الروعة والجمال .

كما أن مركز حلي يوجد فيه عدد كبير من الأحياء المدنية والقرى القديمة تقدر ب (٩٣)قرية ، وله شاطئ جميل على البحر الأحمر نزل فيه الرحالة إبن بطوطة عند قدومه للحج من ميناء مصوع بأفريقيا في القرن السابع الهجري ، وكما ذكر إبن بطوطة في كتابه (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار)أن حلي كان بها مشائخ وعباد صالحين يتفرغون للعبادة من بعد صلاة المغرب في الثلث الأول من الليل ثم ينصرفون ويعودون في الثلث الأخير من الليل ويتهجدون إلى الصبح . وذكر أنه كان يفكر في البقاء بحلي بقية عمره والإنظمام إلى العباد الزهاد بمدينة حلي ولكنه لم يوفق لذلك. ولاحظنا خلال الزيارة الإلتزام الديني المعتدل لدى السكان و الهدوء في التعامل وحسن الإصغاء للمتحدث ولا تفارق محياهم الإبتسامه.
وهذا المركز يستحق أن يرفع إلى مستوى محافظة لما فيه من مميزات سبق ذكرها مثل الكثافة السكانية والموقع الإستراتيجي على البحر الأحمر والأهمية الزراعية للوادي وبعده مركز محافظة القنفدة بقرابة(٧٠)كم جنوباً.

كما أن المركز يحتاج الى دراسات في مجال الآثار والبيئة والزراعية
ويوجد في مركز حلي مزارع المانجو ‏الكبيرة جداً حيث أن أحد المزارع يوجد بها (٥٠٠٠٠٠ )شجرة ‏ مانجو تم زيارتها على الطبيعة ومن الملاحظ خلال الزيارة كمية الإنتاج الكبيرة ولكن التصدير لا يرقى إلى مستوى الإنتاج حيث يتم التصدير داخلياً على نطاق ضيق وبمجهودات فردية من أصحاب المزارع. والمزارعين بحاجة إلى مساعدتهم من قبل الجهات المعنية في وزارة البيئة والمياه والزرعة وكذلك وزارة التجارة لإيجاد آلية تسويقية منظمة ، أفضل من الجهود الفردية التي تسبب في هدر كمية كبيرة من الإنتاج .

كما أننا لاحظنا خلال الزيارة كرم أهالي (حلي )وفي مقدمتهم رئيس المركز الأستاذ /سليمان الحربي ورئيس البلدية المهندس /سليمان الذيبي والمشائخ وحسن الأستقبال وبشاشة المحيا والإندماج والتآلف بين السكان من مختلف أطيافهم .وهذا بفضل الله ثم بفضل ماحبانا الله في هذا البلد من قيادة رشيدة حكمت وعدلت وأمّنْت العباد والبلاد و آخت بين مختلف أطياف المجتمع (حفظها الله ).

ثم إننا إذ نشكر جميع أهالي حلي من مسئولين ومشائخ ومواطنين على ماقدموه لنا خلال هذه الفعالية من إثراء معرفي وفكري وحسن وفاده.

رئيس اللجنة الثقافية بمحافظة أحد رفيدة
محمد بن سعيد أبو هتله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
View more on Snapchat