في السنوات الأخيرة زادت بشكل ملحوظ أعداد حالات تعنيف و قتل الزوجات من قبل أزواجهن ، أو حتى قتل أحد الوالدين أو فرد من أفراد العائلة ، في ظاهرة مأساوية مرعبة جديدة على المجتمع المسلم وحتى لو كانت نسبة تلك الجرائم بسيطة جداً،لكن تلك الجرائم كارثية مؤلمة مشينة تضرب أواصر الترابط الأسري وتُمزق عُراه ،جريمة تنسف مبادئ تكوين الأسرة المسلمة على أُسس المودة والرحمة ،وكذلك تُغيب تطبيق حكمة و مبدأ أصيل في الشريعة الإسلامية ،إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، ووقوع تلك الجرائم يقوّض تماسك الأُسر ويمزقها ،عنف و ضياع وشتات وتفكك وانحلال، وكل ذلك يرمي بظلاله السلبيَّة على تكوين الأسرة السوية،وقد يتجرع مرارة وقوع تلك الجرائم الأهل ، اللهم هوّن عليهم وألهمهم الصبر والسلوان وارضهم بقضائك و عوضهم واجبر كسر قلوبهم واغشاهم بالنسيان وأحطهم بالمحبين الصادقين ،و لو استقصينا و فتشنا خلف تلك الظاهرة لوجدنا أن تعاطي المخدرات له دور أساسي في تشكيل السلوك العدواني الإجرامي لدى هؤلاء الضحايا المجرمين!! وقد يمر المتعاطين للمخدرات بمراحل عديدة قبل أن يصلوا لتلك المرحلة التي تسلب منهم إنسانيتهم وتهدر كرامتهم ،وتحولهم إلى مخلوقات ممسوخة لا ترتقي لعالم الإنسانية ولا تنتمي حتى لعالم الحيوان ، فالمتعاطي إذ لم يعالج ويُتدارك أمره فإنه في المرحلة المتقدمة من التعاطي يتحور إلى مدمن ، مخلوق جديد شكله إنسان لكنه بلا مبادئ بلا أخلاق وقيم بلا مشاعر بلا أدنى شعور بالمسؤولية تجاه ذاته وتجاه أُسرته ومجتمعه ، وقد يكون وجود المتعاطي وبال وبلاء على أسرته ، ولكي نُسْهِمَ في حماية المرأة من الابتلاء بزوج ابتلاه الله بآفة تعاطي المخدرات ،لابد أن يدرج تحليل المخدرات مع تحاليل الزواج أسوة بتحليل الأمراض الوراثية والأمراض الجنسية ، لقد برع أعداء الإنسانية صُناع ذلك السم اللَّعين وتدرجوا حتى أنتجوا حبوب تناول القليل منها يقتل خلايا المخ ويدمر المراكز العصبية لدى المتعاطي، وتدريجياً يتحول المتعاطي المدمن من إنسان إلى لا إنسان هارب من الواقع متبلد المشاعر ناقم شَكَّاك ،وقد يرتكب الجريمة وهو لا يدرك ذلك ، لأنه وقع تحت تبعات التعاطي ومن ثم الإدمان ، وفي أقل الاحتمالات الممكنة يتحول المتعاطي إلى مخلوق هائم في الطرقات حافي القدمين رث الثياب يورث الحسرة والحزن العميق في قلوب أهله و محبيه، لذلك فإن إدراج تحليل المخدرات للمقبلين على الزواج أصبح أمر مهم وضرورة ملحة تسهم في منع إتمام مراسم زواج غير آمن، من أجل مصلحة الجميع وليس ذلك فحسب بل يسهم ذلك في وضع المتعاطي تحت المجهر، مما قد يسهم في علاجه مبكراً من آفة الإدمان، وعلى المتعاطي أن يدرك أن وقوعه في براثن المخدرات إبتلاء من الله، وأن تعاطي المخدرات نفق مظلم العبور فيه تيَّهَ وضياع والتراجع عن العبور فيه غنيمة و سلامة ، هناك أمل ينتظر المتعاطي في أول النفق وفي وسطه ، ولكن المهم أن لا يصل إلى آخر النفق إلى طريق ألَّا عودة ، طريق المخدرات بدايته لمت أصحاب وطلعات ووهم وناسة وآخرته حسرة وندامة وبين البداية والنهاية هناك صراعات نفسية مؤلمة عزلة وانطواء واكتئاب، ومبادئ وقيم سامية تتساقط ، وكون الإدمان وتعاطي المخدرات لا يرتبط بعمر معين وقد يبتلي الإنسان به بعد الزواج فلكل زوجة ابتلاها الله بزوج متعاطي أما علاج وتعافي واستقرار عائلي وأسري و أمَّا طلاق لامبرر للاستمرار مع متعاطي من أجل السلامة من أجل الحياة، وعلى كل فتاة أن تعي أن الاستمرار مع متعاطي مخدرات هو انتحار بطئ سوف يورثها الهم والغم والغبن والخسران ولو بعد حين لكل إنسان اُبتلي بتعاطي المخدرات ،أنت تستطيع أن تتخلص من شبح الإدمان ، نعم تستطيع قبل فوات الأوان ،ولماذا لا تستطيع وأنت من أكرمه خالقه بالعقل والحكمة وميزه بالإرادة والتحدي والإصرار ،هل تهزمك المخدرات وتنتصر عليك؟ هل تترك المخدرات تغيبك عن مسرح الحياة مع الأهل والأحباب ؟ هل تستسلم لحفنة من الحبوب حتى تسلبُ صحتك وتسرق بسمتك ؟إلى متى الشرود والوجوم ؟ إن علاج الإدمان سهل وممكن لمن التجأ إلى الله عز وجل ، و تسلح بالعزيمة وأخذ بالأسباب ، أيها المتعاطي المُبتلى، حاول وجاهد أن تحظى بفرصة علاج فإن المحاولة شرف ، وياليت لو أن يدرك كل متعاطي ،أن رحلة التعافي والعلاج مراحلها ثلاثة سهلة ميسرة لمن هداه الله، سحب السموم وعلاج أعراض الانسحاب بدون ألم ، العلاج النفسي ، التأهيل الاجتماعي ،في فترة زمنية قصيرة من ٣-٦ شهور، تخيل فقط !! وتعود لك ضالتكَ ،الحياة التي هربت منك، وتمسك بزمام أمرك وتُرضي ربك ، هناك إذن متسع من الوقت للعودة ، توقف ، تأمل ، لست مضطر لخوض رحلة العلاج بمفردك الكل موجود لمساعدتك فمن وجودك سعادتهم ومن فرحك فرحهم وألمك ألمهم ،أهلك سندك ، أمك و أبوك ، إخوانك و أخواتك، زوجتك و أبناؤك، محبيك ، حاول قاوم سوف تنتصر ، تتخطى رحلة العلاج وتتعافى بفضل الله ويصبح ذلك من الماضي ، سوف تكتسب القوة وتصبح قنديلاً تضيءُ الطريق للآخرين توعي المجتمع بإضرار آفة المخدرات الفتاكة وتمنح أمل العودة لكثيرمن ضحايا المخدرات ، فأنت المجاهد المنتصر،وعند الحديث عن المخدرات لابد أن نذكر جهود القيادة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان حفظهم الله ، وتوجيهاتهم الكريمة للوقوف سد منيع في وجه تهريب المخدرات وتجار السموم، والمتمثلة في أشاوس المدرية العامة لمكافحة المخدرات ، رجال المهمات الصعبة الجليلة ، من يعقد عليهم الأمل بعد الله في الذود عن حمى الوطن ، عرابين أمن البلاد الاجتماعي ، هم بالمرصاد لتجار السموم ،و ذلك يظهر جلياً في إحباط عمليات تهريب المخدرات ليل نهار ، صمَّام الأمان ودرع المجتمع ،حفظهم الله وبارك سعيهم ،وكذلك وزارة الصحة بقيادة الدكتور / توفيق بن فوزان الربيعة وفريق عمله الممتد بمساحة الوطن ،بارك الله جهودكم وسدد خطاكم ،ولقد حظت وزارة الصحة بدعم سخي من الحكومة غير مسبوق في ظل تفشي جائحة كورونا حفظ الله البلاد والعباد ،إن جهود وزارة الصحة شمس لا تغيب ومن أشعة شمسها المباركة قرار تحليل الزواج الذي كان له بالغ الأثر على تكوين الأسرة السليمة المعافاة ، ودورها الجلي الواضح في علاج ضحايا المخدرات ، ولذلك نرجو ونتطلع إلى إدراج تحليل المخدرات للمقبلين على الزواج حتى لا نسمع بجريمة تهز المجتمع مدمن قتل فرد من أفراد عائلته، وحتى يحظى ضحية الإدمان بفرصة علاج.
اللهم رد شباب المسلمين إليك رداً جميلاً
اللهم نفعاً في الأرض وقبولاً في السماء
الكاتبة / فاطمة العديساني