طرحت أزمة فيروس كورونا كفاصل اقتصادي عالمي، ضرورات عديدة أمام الشركات العائلية لإعادة النظر في منهجها الإقتصادي، وذلك عبر مساري الهيكلة المتوائمة، ومتطلبات ما بعد فيروس كورونا، والتحول إلى شركات مساهمة لضمان استمراريتها، وعدم تعرضها لهزات اقتصادية مستقبيلة، ويكون لها تأثير على الاقتصاد الوطني.
فالشركات العائلية في المملكة لها دور كبير في دعم، ونمو الاقتصاد الوطني، والمساهمة في الناتج المحلي غير النفطي، فهي تساهم بنسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي، و40% من الناتج المحلي غير النفطي، وحجم استثماراتها يزيد عن300 مليار ريال، وتشكل 60 % من حجم القطاع السعودي الخاص.
وعلى الرغم من أن الدولة – أعزها الله – لم تألو جهدا لدعم القطاع الخاص، ومواجهة تداعيات الوباء، وقدمت 120 مليار ريال، وتحملت 60% من رواتب القطاع الخاص، وتخفيف آثار الأزمة على القطاع، وإبقاء الشركات دون تأثر، الأمر الذي طرح تساؤلات حول وضع الشركات العائلية في ظل أزمة كورونا.
فالحجر الصحي، وحضر التجول، والتباعد الاجتماعي تسبب في تراجع نشاط عموم الشركات العائلية بشكل حاد، وأدى إلى اضطرابات في مبيعاتها وأرباحها، وأثر الوباء على جميع القطاعات التجارية، والمالية والصناعية، والزراعية والتقنية، والإلكترونية والصناعية، وشركات السيارات والمعدات والطائرات. وشكل صدمة كبيرة في إنتاجها، ونشاطها التجاري والاقتصادي، وأثر على استثماراتها، وتسبب في تراجع دخلها المالي ونفقاتها، ورفع تكاليف تشغيل أعمالها، وجعلها تسرح بعض العمالة لعدم القدرة على دفع رواتبهم، مما أثر على فقدان بعض الوظائف فيها، وأدى إلى إغلاق بعض الأقسام وإفلاس بعض منها.
كما أن البنوك شككت في قدرة الشركات العائلية في سداد قروضها، وامتنعت عن إقراضها، وتمديد فترة السداد، وتصاعدت المخاطر عليها، ولا سيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي كانت أقل استعدادا لمواجهة المخاطر، وليس بمقدورها أن تقدم ضمانات ائتمانية، ومواجهة تلبية مصروفاتها واحتياجاتها.
لذا يتعين على الشركات وضع سياسات، وخطط جديدة لتجاوز تداعيات فترة انتشار الوباء كالهيكلة المتكاملة، وحمايتها من التعثر، وإدراجها في أسواق المال، والمحافظة على سلامة العاملين، وعلى البنوك تمديد آجال استحقاق القروض على جميع الشركات بشكل متدرج، وتخفيض أسعار الفائدة ودعم الشركات العائلية، حتى تعود إلى وضعها الطبيعي.
وعلى الشركات العائلية التخطيط لمرحلة التعافي من الأزمة، وتحديث أنظمتها، وتطوير المهارات وتصميم منتجات، وابتكارات جديدة، والتركيز على منتجاتها الأساسية المطلوبة، وتعزيز نقاط البيع الالكترونية، وتعديل تعاملاتها مع كل قطاع، والتفكير بالتحول إلى شركات مساهمة ليمكنها من الاستمرارية، وتعزيز نموها، وترسيخ قواعد حوكمتها.
ويفترض مواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة، والقدرة على التجديد والتطوير، والتعايش مع الأزمة والعمل عن بعد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتدريب العاملين على خدمة البيع عن بعد ومواجهة التحديات وفقا للسياسات الحكيمة، والإجراءات الاحترازية لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان – أعزهم الله – .