من رحم الأزمات تولد الفرص. بالأمس علمنا أن صندوق الاستثمارات استحوذ على حصص كبيرة في شركات نفط، وطاقة عالمية، وسيتمكن من تحقيق أرباح عالية خلال فترة بسيطة نظرًا لمكانة هذه الشركات الكبيرة في السوق العالمية؛ إذ إن الأزمة أرشدتنا إلى دينامية استثمارية عالية، وفي قطاعات حيوية عالمية، وبخاصة قطاعات التقنية والمستلزمات الصحية.
أيضًا هناك قطاعات صناعية واقتصادية أخرى؛ فالمملكة بقيادة خادم الجرمين الشريفين الملك سلمان، ومتابعة سمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله -، تتحرك بقوة، وتحقق مسارات صناعية كبيرة، ستجعل من السعودية قوة صناعية واقتصادية منافسة، خاصة في ظل مبادرات الرؤية السعودية 2030م، وتنويع مصادر الاقتصاد.
والصناعات الطبية السعودية صناعة مهمة، ولدينا طواقم فنية، لديها مهارات عالمية، وبخاصة في قطاع الاستثمار، والتطوير والإنتاجي الصحي. وأزمة فيروس كورونا أكدت ضرورة توطين الصناعات الطبية؛ إذ إن المملكة تستورد أكثر من 80 % من الأدوية والمستلزمات الطبية؛ وهذا الأمر يجعلنا نفتقر للكثير من دخل هذه الصناعات على اقتصادنا الوطني.
لذا يفترض من وزارة الصناعة تفعيل دورها، ودعمها للصناعات الطبية من خلال الرؤية السعودية 2030م، وإعطاء الفرصة للشركات المحلية للدخول في الصناعات الطبية من خلال استغلال الطاقات، والكوادر الفنية السعودية، ومواد الخام المحلية، ونقل التكنولوجيا للصناعات الطبية المحلية، وتنويع مواردنا الاقتصادية غير النفطية، واستقطاب الشركات العالمية للقطاع الصناعي الطبي؛ فالمملكة تعتبر منطقة جذب غير عادية للاستثمارات الأجنبية. وكذلك إنشاء عدد من المصانع الطبية والدوائية داخل المملكة، وفقًا لأحدث المعايير الطبية والتقنيات العلمية لتغطية السوق المحلية؛ ليصبح للمملكة موقع متقدم في سوق المستلزمات الطبية والدوائية، يمكِّنها من الوجود في الأسواق الدولية.
ونأمل وضع خطة استراتيجية وفقًا لمتطلبات رؤية المملكة 2030م، وما أكدته تداعيات أزمة كورونا التي قد لا تكون الأخيرة عالميًّا بانتشار مثل هذه الفيروسات، والحروب البيولوجية، وجشع الشركات العالمية التي قد تبتز الدول والحكومات مستقبلاً؛ وعليه نرى ضرورة تقييم فعلي واستراتيجي للأزمة، وأبرز الإشكالات والتعقيدات، والمخاوف والمحاذير، وأيضًا ما يحمله المستقبل من مخاطر محتملة علينا، والاستعداد لها بالتخطيط المسبق.
ونتمنى أيضًا دعم شباب وشابات الوطن للانخراط في هذه الصناعات الطبية المتميزة، وتوطينها، ووضع الفيروسات والحروب البيولوجية ضمن مؤشرات الأمن الوطني السعودي نظرًا لتأثيراتها البالغة والمتعدية للجوانب الصحية، وأن يكون ذلك ضمن متطلبات الأمن الشامل الذي تقف على رأسه وزارة الصحة بجانب ووزارة الداخلية.
ونتطلع إلى حثّ الصندوق الصناعي والبنوك والمؤسسات المالية على تقديم القروض التمويلية للمشاريع الصناعية الطبية.
ونشكر الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -أعزهما الله- على دعمهما، ورعايتهما لكل ما فيه رفعة للوطن، ونمو الاقتصاد السعودي، وصحة المواطنين، وتوفير الفرص الوظيفية لهم.