القروض المتعثرة

بعض المواطنين يسعون للاقتراض من البنوك من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية، أو شراء منزل أو سيارة، أو كماليات أخرى دون مراعاة إلى دخلهم، ورواتبهم المتدنية، والتي ربما لا تكفي لتغطية حاجتهم من شراء الملابس، والمواد الغذائية، وتسديد الإيجارات، ودفع فواتير الخدمات الشهرية المرتفعة مثل الكهرباء والماء، والهاتف والجوال، ومخالفات ساهر.

فكل يوم تزداد قيمة، وحجم القروض عليهم، ولا يستطيعون عمل أي شيء مقابل ذلك بسبب ارتفاع الفوائد البنكية التي وضعتها البنوك المحلية على مرأى من المشرفين على المال، والنقد في بلادنا مما يجعل قروضهم متعثرة، ودخولوا في مشكلات مالية كبيرة، مثل فقدان رواتبهم، وربما منازلهم ومواجهة دعاوي قضائية ترفع ضدهم.

وصار المواطنون يجدون صعوبة في سداد قروضهم، والتزاماتهم المالية بسبب تراكم الفوائد المصرفية العالية عليهم، والتي ربما صارت أكثر من قيمة الدين الأصلي، وأكبر المشاكل التي تواجهم، وهو ما ينذر بخطورة هذه الديون عليهم، وعلى المراكز المالية للمصارف المحلية إذا لم تتدخل الجهات المسؤولة لحل المشكلة.

إضافة إلى أن الغالبية من المقترضين من البنوك لا يقرؤون شروط العقد عند الاقتراض، ولذلك تستغل البنوك هذه البنود لطيبة المواطن السعودي، والثقة المفرطة من المواطنين بموظفي البنوك حتى تراكمت عليهم الفوائد، وتسببت في عجزهم عن السداد، وهذا يدعو إلى ضرورة إصدار تشريع خاص من قبل البنك المركزي يعالج مشكلة تراكم الديون، وتعثرها.

لذا على البنك المركزي أن يقوم بدوره في تحسين وضعه الإشرافي، والرقابي على البنوك المحلية وتوعية المواطنين، وتحذيرهم من الإغراق في الديون، وآثارها على الفرد والمجتمع، والإسراع بإيجاد حلول ملائمة للمقترضين، وتقليل نسب الفوائد إلى 2%، ووضع الاستراتيجيات، والخطط المستقبلية التي تساعد في حل مشكلة تراكم الديون على المواطنين.

ويجب على مؤسسة النقد “ساما” أن تفرض على البنوك تخصيص مبالغ كبيرة لتغطية أخطار الديون المتعثرة، حيث أنها منظمة، ومسؤولة عن الرقابة على القطاع المصرفي، وعلى الديون المتعثرة، ولا يمكنها ترك تراكم الديون على المواطنين دون حل، ويجب أن توفر الدعم المناسب للقطاع المصرفي بالتعاون مع البنوك المحلية.

ولعل من أعظم الحلول لإزالة الديون عن المواطنين تطبيق نهج المصرفية الإسلامية، والتي أثبتت جدارتها في ظل الأزمة المالية العالمية، حيث نلاحظ مدى تسابق الدول الغربية في تطبيقها، فمن الأجدر أن تكون هي الحل الأمثل في إقراض المواطنين عن طريق تطبيق نظام المرابحة، والقرض الحسن، وغيرها من المنتجات المصرفية الإسلامية.

كما نأمل من مؤسسة النقد “ساما” بالتعاون مع البنوك تخفيض الفوائد على القروض، وإعادة هيكلة الديون المتغثرة، وعمل أفضل الحلول لمعالجة مشكلة تعثر ديون المواطنين، وتعزيز الاستقرار المالي، وحماية النظام المصرفي السعودي، وإنشاء اقتصاد وطني مستدام في ظل التحول الاقتصادي 2020م، والرؤية السعودية 2030م، والتي يقودها سمو ولي العهد الأمين بكل اقتدار.

 

زر الذهاب إلى الأعلى