رغد محمد- جدة
في ظل تزايد التعاملات المالية وتنوعها، تتصاعد أيضًا الأخطاء القانونية التي قد تؤدي إلى نزاعات معقدة أمام المحاكم. ومن هذا المنطلق، نسلّط الضوء اليوم على أبرز المخاطر المالية التي يقع فيها الأفراد، وكيف يمكن حماية الحقوق من خلال الوعي والتوثيق السليم. يسعدنا أن نستضيف المحامية والمستشارة القانونية هند منصور سليمان البلوي للحديث حول أهم الإشكالات المتكررة، وتقديم نصائح قانونية عملية لتحصين الأفراد من الوقوع في النزاعات.
س1: بداية… نود التعرف عليكِ وعلى مسيرتك في مجال المحاماة وتحديدًا في المنازعات المالية والتنفيذ.
ج: أنا المحامية والمستشارة القانونية هند منصور سليمان البلوي، عضو أساسي في هيئة المحامين، وحاصلة على درجة الماجستير في المحاسبة القضائية التنفيذية، ودبلوم المحاماة العالي. كما نُشر لي بحث علمي محكّم بعنوان: “دور الحوكمة في رفع مستوى الإفصاح المالي وأثرها على جودة ونزاهة التقارير المالية” في إحدى المجلات العلمية المحكمة.
أتولى النظر والترافع في مختلف القضايا، مع تركيز خاص على القضايا ذات الطابع المالي، بما يشمل المنازعات التجارية والمالية وما يرتبط بالمعاملات والالتزامات والعقود. وأحرص في عملي على تقديم استشارات قانونية دقيقة تعكس الفهم النظامي والمالي معًا، وتوضّح للعميل مركزه القانوني بموضوعية ووضوح ودقة.
س2: ما أكثر خطأ مالي تلاحظينه يتكرر بين الناس ويقودهم للمنازعات والمحاكم؟
ج2: أكثر خطأ مالي يتكرر ويقود الناس للمحاكم هو عدم التوثيق. فغالبًا ما يُبرم الأفراد أو المتعاقدون اتفاقاتهم دون صياغة عقد مكتوب، وأحيانًا يكتفون باتفاق شفهي لا يرقى لمستوى الإثبات القانوني. وعند وقوع نزاع لاحق، يصبح من الصعب إثبات وجود علاقة تعاقدية أو تحديد الالتزامات المتفق عليها، مما يجعل النزاع معقّدًا ويُضعف موقف أحد الطرفين أمام القضاء.
س3: برأيكِ، لماذا ما زال الناس يقعون في نفس الأخطاء رغم توفر المعلومات؟
ج: عدم الاطلاع الكافي على الأنظمة، وعدم متابعة تحديثاتها وقراءتها، إضافة إلى ضعف الوعي القانوني، كل ذلك أدى إلى وقوع الكثير من الأفراد في التزامات مالية غير مدروسة، وترتيب آثار قانونية لم يكونوا على دراية بها، مما نتج عنه نزاعات كان بالإمكان تفاديها بسهولة لو توفرت المعرفة النظامية الأساسية.
س4: ما أخطر أنواع التعاملات المالية “بالنية والثقة” التي قد تسبب مشاكل قانونية؟
ج: أخطر تلك التعاملات التي تتم شفوياً بين الأطراف لأنه عند حدوث نزاع مستقبلي بين الطرفين، لا يمكن الاحتجاج بالعقد الشفوي بينهم، إذ أن القضاء يحكم بالبينات وليس بالنيات. لذلك، يجب توثيق جميع التعاملات المالية، سواء كانت تحويلات بنكية، عقود، أو التسليم يدًا بيد، لضمان إثبات الحقوق وتفادي النزاعات المستقبلية.
س5: كثير من الأشخاص يعطون مبالغ مالية بدون عقد… ما المخاطر القانونية لهذا التصرف؟
ج: من مخاطر إعطاء مبلغ مالي بدون عقد موثق بين الطرفين أنه، في حال حدوث نزاع مستقبلي، يصعب إثبات الدين أمام القضاء. كما أن ذلك قد يؤدي إلى:
1. استغلال الطرف الآخر للثغرات القانونية لإعفاء نفسه من الالتزام.
2. ضياع الحقوق المالية للجهة المانحة أو تأخر استرداد المبالغ، مما قد يترتب عليه آثار مالية وقانونية سلبية للطرف الذي لم يوثق ذلك التعامل.
س6: هل عدم قراءة العقود قبل التوقيع يُعتبر سببًا رئيسيًا للمنازعات؟
ج: نعم، لأن العقد شريعة المتعاقدين، وعدم قراءة البنود يعني تحمل التزامات لا يعرفها الطرف الآخر.
س7: ما أهم النصائح التي تقدمينها لحماية الشخص من الوقوع في مشكلة مالية؟
ج: أهم النصائح التي أقدمها للأفراد كمحامية ومستشارة قانونية:
1. لا توقع على أي عقد قبل قراءة جميع بنوده بدقة، لضمان حقوقك وتجنب أي التزامات غير واضحة قد تؤثر عليك مستقبلًا.
2. اقرأ العقد بتأني مع استشارة قانونية مختصة، فهذه الخطوة تُعد مفتاح الأمان القانوني.
3. استعن بمستشار قانوني مختص لمراجعة العقد قبل التوقيع لتحديد النقاط المخفية أو الغامضة.
4. تأكد من فهم كل بند بشكل كامل، خاصة الشروط الجزائية والالتزامات المالية ومناسبة بنود العقد لمصالحك الحالية والمستقبلية.
5. الثقة وحدها لا تكفي، فكن حذرًا وتحقق دائمًا، ولا تعتمد على النوايا فقط، بل على الإثبات القانوني والنصوص الواضحة.
وفي الختام، نؤكّد أن الوعي القانوني والتعامل المالي السليم لم يعُد ترفًا، بل ضرورة لحماية الحقوق وتجنّب الوقوع في نزاعات قد تستنزف الوقت والجهد والمال.
نشكر المحامية والمستشارة القانونية هند منصور سليمان البلوي على ما قدّمته من توضيحات ثرية، ونأمل أن تسهم هذه المقابلة في رفع مستوى الوعي لدى الأفراد والمجتمع.
