رغد محمد – جدة
في وقتنا الحاضر، أصبح معظم الأشخاص يلجأون إلى عمليات التجميل لتقليد الآخرين، كالمشاهير وغيرهم، وليس لأجل تحسين مظهرهم الحقيقي، بل لكسب رضا المجتمع. فلم يعد الوجه مرآة للروح، بل أصبح مكانًا تُقام فيه تجارب التجميل.
لم تعد عمليات التجميل وسيلة لإصلاح العيوب الخلقية، بل أصبحت هوسًا عالميًا يدفع الكثير من الناس إلى فقدان ملامحهم الحقيقية. كل عام تظهر موضة جديدة في عالم التجميل، مما أدى إلى ندرة وجود الجمال الطبيعي. أصبح الناس يعتقدون أن الجمال الحقيقي يكمن في الوجه المحدد، والعين المسحوبة، والشفاه الممتلئة. وهذه مشكلة كبيرة، لأن الجمال الحقيقي لا معيار له؛ فكل من خلقه الله جميل.
المشكلة ليست في الإجراء نفسه، بل في الفكرة التي تقف خلفه، وهي أن الشكل أهم من الجوهر، وأن القبول لا يُمنح إلا لمن يمتلك هذه الصورة النمطية التي صنعها الإعلام الغربي. إن هذا الهوس لا يبني الثقة بالنفس، بل على العكس يجعلها تتدنى، لأنه يضع الإنسان في سباق دائم مع نفسه ومرآة لا ترضى أبدًا.
مع كثرة التغييرات في الشكل، يبدأ الشخص بالشعور بالاغتراب عن نفسه ويفقد هويته الحقيقية، فيصبح لا يعرف من يكون حقًا.
وما النتيجة لذلك؟ وجوه متطابقة ومستنسخة من بعضها البعض، تسير على مقاييس موحدة. فتختفي الملامح والتفاصيل التي تميز كل فرد عن غيره، ويتحول الجمال الطبيعي إلى جمال صناعي، أو بالأصح، تشويه صناعي.
برأيي، الجمال الحقيقي لا يُقاس بعدد العمليات التجميلية، بل بمدى الراحة في أن تكون كما أنت، بملامحك الطبيعية، وروحك الصادقة، وحضورك المميز. الآن حان الوقت لإعادة تعريف الجمال بشكل جديد. فالجمال ليس وجهاً بلا عيوب، بل الجمال هو جمال الروح النقية الطاهرة.
