مقال بقلم  طيف آل ظافر – مكة المكرمة بعنوان (( اصغِ لتعرف: كيف غيّر البودكاست عالم الإعلام ))

في زحمة الحياة وتسارع الأخبار يبحث الإنسان عن مساحة هادئة يسمع فيها ما يثري فكره ويُمتع وقته وهنا ظهر البودكاست كصوت مختلف في عالم الإعلام الرقمي يجمع بين البساطة والعمق وبين المعرفة والمتعة ليعيد تعريف مفهوم الاستماع من جديد

ففي الوقت الذي كانت الإذاعات تُحدد للمستمع متى وكيف يتابع ما يُعرض جاء البودكاست ليمنحه الحرية الكاملة حلقة تهمك؟ يمكنك الاستماع إليها في طريقك إلى العمل أثناء المشي أو قبل النوم كل ما تحتاجه هو هاتفك وسماعتك فقط

ما يميز البودكاست ليس فقط مرونته بل قربه الإنساني من المستمع فكل حلقة تُشعرك وكأنك تجلس في حوار خاص مع صانع المحتوى تسمع صوته الحقيقي وأفكاره ومشاعره دون تكلّف أو تصنّع إنها تجربة تُعيد للإعلام روحه القديمة ولكن بثوب رقمي حديث

ولم يتوقف تأثير البودكاست عند حدود الترفيه بل تجاوزها إلى التعليم والتطوير الذاتي بل وحتى ريادة الأعمال فقد أصبح وسيلة للتعلّم غير المباشر ينقل المعرفة بأسلوب قصصي بسيط وسلس ويتيح للجميع فرصة الوصول إلى محتوى ثري دون عناء

ومن زاوية أخرى تحوّل البودكاست إلى سوق إعلامي مزدهر صناع محتوى وجدوا فيه مصدر دخل وفرصة للتأثير وشركات رأت فيه مساحة جديدة للتواصل مع جمهورها بطريقة أكثر واقعية ودفئًا

اليوم يمكن القول إن البودكاست لم يعد مجرد وسيلة ترفيه بل أصبح ثقافة استماع جديدة تُعيد تشكيل علاقة الناس بالمعلومة وبالوقت إنها التجربة التي تُخاطب العقل والقلب معًا وتمنحنا مساحة للتأمل وسط ضجيج العالم الرقمي

ومن وجهة نظري ككاتبة مهتمة بالإعلام الرقمي أرى أن البودكاست ليس مجرد منصة صوتية بل لغة جديدة تُعبّر عن جيلٍ يبحث عن محتوى حقيقي وصادق
هو مساحة تتيح لكل صوت أن يُسمع ولكل فكرة أن تجد طريقها إلى الأذن المناسبة
في وقت لم تعد فيه الكلمة تُقال فقط
بل تُروى وتُحس وتُعيش

زر الذهاب إلى الأعلى