بمناسبة أسبوع الفضاء العالمي لقاء مع زاهي الخليوي عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

فايزة صديق – مكة المكرمة

في كل عام، وبين الرابع والعاشر من أكتوبر، تتجه أنظار العالم إلى السماء احتفاءً بإنجازات البشرية في استكشاف الفضاء، ضمن فعاليات أسبوع الفضاء العالمي، أكبر حدث فضائي سنوي على وجه الأرض. ويأتي أسبوع الفضاء لهذا العام 2025 تحت شعار “العيش في الفضاء”، وهو شعار يعكس انتقال البشرية من مرحلة الاكتشاف إلى مرحلة التخطيط الجاد للإقامة في الفضاء.

في هذا السياق العالمي الطموح، تبرز المملكة العربية السعودية كلاعب صاعد في قطاع الفضاء، مدفوعة برؤية 2030 التي تهدف إلى بناء اقتصاد معرفي متنوع. ولمناقشة هذا التحول التاريخي ودور المملكة في رسم ملامح المستقبل الفضائي، أجرينا هذا الحوار مع الأستاذ زاهي الخليوي، عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، الذي قدم لنا رؤى ثاقبة تربط بين التوجهات الوطنية والطموحات العالمية.

– البدايات… شغف تحول إلى مسؤولية علمية

يقول الخليوي في مستهل حديثه:

“مع تزايد الاهتمام بعلم الفضاء والفلك بحثًا وقراءةً، أصبحتُ بعد سنوات من الشغف عضوًا في الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك التابع لجامعة الدول العربية، ثم في العام الماضي أسست مع مجموعة من المهتمين نادي الفضاء والفلك تحت مظلة برنامج جودة الحياة، ولا زال النادي بحمد الله يواصل نشاطه في نشر الوعي الفلكي بين الناس”.

هذه البداية تُظهر كيف يمكن للشغف الشخصي أن يتحول إلى دور مؤثر في دعم الحراك العلمي والثقافي، خصوصًا في مجالات متقدمة مثل علوم الفضاء.

– اهتمام وطني يعانق السماء

عن أهمية التوجه الوطني نحو الفضاء، يؤكد الخلوي أن المملكة تخطو بثبات في هذا المجال، قائلًا:

“تسعى دولتنا، حفظها الله، بخطة ثابتة للاستثمار في مستقبل الفضاء، وهي من الدول السبّاقة في ذلك، فقد كان لها السبق بإرسال أول رائد فضاء عربي مسلم إلى الفضاء عام 1985 في مهمة فضائية تضمنت إطلاق قمر عربسات، ثم تلاه إرسال رائدي الفضاء السعوديين علي القرني وريانة برناوي في العام الماضي”.

ويضيف أن هذه الخطوات تعكس رؤية المملكة الطموحة لتعزيز مكانتها العلمية عالمياً، وتحفيز جيل جديد من العلماء والباحثين.

– الشباب… ركيزة المستقبل

عند سؤاله عن الخطوات التي يحتاجها الشباب السعودي للانضمام إلى مسيرة الفضاء الوطنية، أجاب الخليوي بإيجاز معبّر:

يحتاج الأمر إلى “الطموح والمعرفة والإصرار”

بهذه الكلمات يلخص جوهر النجاح في المجالات المتقدمة؛ فالمستقبل سيكون لمن يمتلك الشغف والدافع للتعلّم والعمل الجاد.

– مبادرات ومشاريع تعزز الوعي

تحدث الخليوي عن الدور المتنامي للمبادرات السعودية في نشر الثقافة الفلكية، مشيرًا إلى أن وكالة الفضاء السعودية أنشئت لتعزيز الوعي بأهمية الفضاء، وأقامت العديد من الندوات والمسابقات التي كشفت عن شغف أبناء المملكة بهذا المجال.

“من المشاريع السعودية لتثقيف الناس عن الفضاء ما قامت به عدد من الجهات من هيئات تطوير مدن ومناطق ومحميات وأمانات بإقامة ركن الفضاء ضمن فعالياتها في المهرجانات. وقد شاركتُ في تنظيم هذه الأركان في عدد من مناطق المملكة، ولاحظنا إقبالًا كبيرًا من الزوار من مختلف الأعمار”.

هذه الفعاليات تلعب دورًا محوريًا في تحويل الفضاء من مجرد فكرة علمية إلى تجربة تفاعلية قريبة من المجتمع.

– رسالة ختامية للشباب

في ختام اللقاء، وجّه الخليوي رسالة مؤثرة بمناسبة أسبوع الفضاء العالمي:

“الفضاء لم يعد عالمًا آخر، بل هو جزء من حاضرنا ومؤثر في مستقبلنا. تُجرى فيه التجارب وتُرسل إليه الأقمار التي نعتمد عليها في الاتصالات والإنترنت والخرائط والطقس وغيرها من مناحي الحياة، فالاهتمام به واجب على كل من يسعى لمستقبل وطنه”.

وختامًا من خلال هذا الحوار، يتضح أن الاهتمام بعلوم الفضاء في المملكة لم يعد مقتصرًا على النخبة العلمية، بل أصبح جزءًا من الحراك الوطني الذي يفتح الآفاق أمام الشباب للمشاركة في تشكيل مستقبل المملكة العلمي والتقني. وزاهي الخليوي نموذج لشغف فردي أصبح جزءًا من مشروع وطني أكبر، يعانق السماء بثقة وطموح.

زر الذهاب إلى الأعلى