*”منتصف القمر”: رواية كاتبة صاعدة عن الصحة النفسية في طريقها إلى معرض الرياض للكتاب

فايزة صديق – مكة المكرمة

بين الواقع والخيال، وبين التجربة الشخصية وصوت الآخرين، تأتي رواية منتصف القمر للكاتبة بيان علي لتفتح نافذة جديدة على معاناة المرضى النفسيين. الرواية، التي صدرت عن دار النخبة للنشر والتوزيع، تضع القارئ أمام ممرات المستشفى النفسي وغرفه المظلمة، لكنها في الوقت ذاته تكشف عن ضوء إنساني عميق، يذكّرنا أن المرض النفسي ليس نهاية بل صراع يحتاج إلى فهم واحتواء.

تستعد الكاتبة لعرض روايتها في معرض الرياض الدولي للكتاب مطلع أكتوبر المقبل، في أول مشاركة لها بهذا الحجم، وهي خطوة تراها بداية لطريق أطول في عالم الأدب.

ولادة الفكرة من تجربة شخصية:

تقول بيان علي إن شرارة الرواية بدأت من سؤال ظل يطاردها: “كيف يعيش الإنسان حين يصبح أسيرًا لعقله؟”، مؤكدة أن الأمر لم يكن مجرد فضول أدبي بل تجربة شخصية عاشتها، جعلتها تنظر بعمق إلى نفسها وإلى الآخرين من حولها. ومن هنا جاءت القصص: خليط من أصوات وتجارب متعددة امتزجت بصوتها الخاص حتى تحولت إلى نص أدبي يحكي المعاناة بصدق.

الكتابة من قلب التجربة:

ما يميز “منتصف القمر” أن السرد يأتي من منظور المريض نفسه. وعن هذا الاختيار، تقول الكاتبة: “شعرت أن صوت المريض غالبًا يُغفل، بينما الواقع أنه يحمل أعماقًا مليئة بالمشاعر التي لا يراها أحد. أردت أن أضع القارئ في قلب التجربة، ليشعر بما يشعر به المريض من عزلة ورغبة صادقة في أن يُفهم بلا أحكام.”

الخيال كوسيلة لإضاءة الواقع:

الرواية تمزج بين الواقع والخيال، ليس كمهرب من الحقيقة، بل كوسيلة لتقريبها. تصف بيان ذلك بقولها: “الخيال هنا ما كان للهروب من الواقع، بل وسيلة لإضاءته وإيصال الرسالة بشكل أعمق.”

رحلة النشر من الرفض إلى الإصرار:

لم يكن الطريق سهلاً أمام بيان علي، فقد واجهت صعوبات كثيرة في نشر كتابها، من رفض متكرر وضغوط نفسية، إلى لحظات فقدت فيها الأمل. لكنها ترى أن أصعب التحديات لم تكن في الخارج بل في الداخل: أن تصدق أن صوتها يستحق أن يُسمع. اليوم، وهي ترى كتابها مطبوعًا بين يديها، تصفه بأنه ثمرة إصرار وصبر طويل.

رسالة إنسانية قبل كل شيء:

في جوهر الرواية رسالة إنسانية واضحة: أن المريض النفسي لا يحتاج فقط إلى دواء أو أحكام مسبقة، بل إلى من يستمع إليه ويحتويه. تقول الكاتبة: “أردت أن تهمس الرواية للقارئ: أنظر إلى الإنسان خلف كل ألم، فهناك روح عطشى للفهم لا للرفض.”

المستقبل والكتابة كرحلة مستمرة:

بعد إصدار “منتصف القمر”، بدأت بيان بالفعل العمل على مشروع جديد يغوص في أعماق النفس البشرية. بالنسبة لها، الكتابة ليست محطة واحدة، بل رحلة مستمرة لاكتشاف الإنسان والإنسانية.

عن النشر والكتابة في زمن الرقمنة:

ترى الكاتبة أن الطريق إلى النشر أصبح أكثر تحديًا مع كثرة الأصوات والكتب، لكن الحل يكمن في الصدق والتميز، إضافة إلى المثابرة في البحث عن فرص مناسبة. كما تعتقد أن الحضور الرقمي للكاتب أصبح مهمًا اليوم، شرط ألا يطغى على الإبداع الأساسي: “الكتابة نفسها هي الأساس، أما وسائل التواصل فهي وسيلة للتقارب مع القارئ فقط.”

في معرض الرياض الدولي للكتاب:

ستطل بيان علي على جمهورها في 2 أكتوبر بمعرض الرياض الدولي للكتاب، حيث تقدّم روايتها الأولى للقُرّاء وسط مئات الإصدارات الجديدة. غير أن صوتها يظل مختلفًا، لأنه يأتي من مكان قلّما يتوقف عنده الأدب: ذلك الممر المشؤوم في المستشفى النفسي، حيث الألم يجاور الأمل، وحيث يصبح الخيال وسيلة للنجاة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى