مقال ✍️ بقلم: صالحة آل بيهان القحطاني بعنوان (( رحلتي مع التطوع والإعلام.. بين الميدان وصفحات الوطن ))

التطوع.. قيمة ورسالة

التطوع قيمة إنسانية عظيمة وأحد أعمدة المجتمعات المتحضرة، فهو يرسخ روح العطاء ويعزز الانتماء، ويمنح الفرد معنى أعمق لحياته من خلال خدمة الآخرين. وما يميز هذا العمل أنه لا يعود بالنفع على المستفيدين فقط، بل ينعكس أثره على المتطوع ذاته ثقةً ونضجًا ومسؤولية.

رؤية وطنية تجاوزت الأهداف

في المملكة العربية السعودية، أولت القيادة الرشيدة العمل التطوعي اهتمامًا بالغًا، حتى أصبح جزءًا أصيلًا من رؤية المملكة 2030، التي تستهدف الوصول إلى مليون متطوع بنهاية عام 2030. لكن المملكة تجاوزت هذا الرقم الطموح مبكرًا، حيث بلغ عدد المتطوعين أكثر من مليون متطوع بنهاية عام 2024. إنه إنجاز وطني غير مسبوق، يعكس وعي المجتمع ويبرهن على حجم الدعم الذي توليه الدولة لهذا القطاع.

مجالات واسعة.. وأقدسها خدمة ضيوف الرحمن

تتنوع ميادين التطوع في المملكة لتشمل الصحة والتعليم والبيئة والرياضة والخدمات الاجتماعية، إضافة إلى ميادين ترتبط بخصوصية المملكة الدينية، وعلى رأسها خدمة ضيوف الرحمن في الحرمين الشريفين خلال مواسم الحج والعمرة ورمضان، حيث تتجلى أسمى صور البذل والتفاني.

المشاعر الأقرب إلى قلبي

على المستوى الشخصي، كانت لي مسيرة ثرية في العمل التطوعي، شاركت خلالها في ميادين صحية واجتماعية وثقافية. غير أن تجربتي في المشاعر المقدسة ستظل الأقرب إلى قلبي. فقد حظيت بشرف التطوع في ثلاثة مواسم للحج وثلاثة مواسم للعمرة، وأسهمت في تنظيم الحشود، وإرشاد التائهين، وخدمة كبار السن وذوي الإعاقة، وتوزيع المياه ووجبات الإفطار، والمبادرات الصحية والتوعوية.

لقد كانت تلك التجارب مصدر سعادة غامرة، خاصة وأنها جاءت عبر جمعية السلام للإغاثة والطوارئ، التي أتاحت لنا شرف خدمة ضيوف الرحمن، وهو شرف لا يضاهيه أي شرف آخر.

القلم في خدمة الميدان

ولأنني صحفية، امتد تطوعي إلى المجال الإعلامي، حيث حمل قلمي رسالة موازية للميدان. كنت أكتب من قلب الحدث، أرصد المبادرات التطوعية والمجتمعية، وأبرز جهود المتطوعين في خدمة وطنهم. ومع الوقت، أصبح حضوري الإعلامي والرقمي جزءًا من هذه الرسالة، يوثق ويعزز أثر العمل التطوعي.

تجربة لا تُنسى في زمن الجائحة

لقد زادني التطوع فخرًا بوطن وفر لنا كل الإمكانات، وأعطاني الفرصة لأكون ضمن المليونية التطوعية. وما زلت أستحضر مشاركتي خلال أزمة كورونا، حين أسهمت مع زملائي في تعقيم منشآت الدولة. كانت تلك التجربة من أجمل اللحظات الإنسانية التي عشتها، فقد علمتني أن الأزمات تكشف معادن الشعوب، وأن التكاتف هو سر القوة.

وطن يستحق الوفاء

يبقى وطني الغالي يستحق منا الوفاء والإخلاص، ويستحق أن نبذل له كل ما نستطيع، ليبقى شامخًا، ولتستمر مسيرتنا التطوعية رسالة محبة وولاء ووفاء.

رسالة إلى الشباب

إلى شباب وفتيات هذا الوطن: جربوا التطوع ولو مرة واحدة في حياتكم. ستكتشفون أن السعادة الحقيقية لا تبدأ عند الأخذ، بل عند العطاء. ستدركون أن ساعة من وقتكم قد تغيّر حياة إنسان، وأن كلمة دعم أو ابتسامة صادقة قد تصنع أثرًا أبقى من المال.

جربوا التطوع، ففيه ستجدون ذواتكم، وستشعرون أنكم جزء من وطن عظيم يحتاج إلى عطائكم، ويمنحكم في المقابل فخرًا لا ينتهي .

زر الذهاب إلى الأعلى