من أثير الإذاعة إلى منصة “ميون”… مسيرة إعلامية تلهم الأجيال

الرياض _ روزان المطيري

لم تكن خديجة الوعل مجرد إعلامية سعودية عابرة في المشهد، بل أسست مدرسة إعلامية خاصة بها، تؤمن بأن المرأة السعودية قادرة دائمًا: قادرة على القيادة، قادرة على نيل المراكز، وقادرة على أن تكون في صفوف الأمم المتقدمة.

جعلت من مسيرتها منبرًا لدعم الإعلاميات الشابات، تمنحهن الثقة وتفتح لهن الأبواب، وتُفيض عليهن من خبرتها دون بخل أو تردد.

لطالما كانت حاضرة بروحها القيادية، تستمع، تناقش، وتقبل النقد بروح رحبة، لا تميّز بين صغير أو كبير، بل تحترم الجميع وتؤمن أن الحوار أساس التمكين. ومن هنا، تحوّلت إلى قدوة حقيقية لكل فتاة سعودية تطمح لأن يكون لها صوت مسموع ومكان مؤثر.

مسيرة مهنية حافلة

بدأت خديجة الوعل رحلتها الإعلامية عام 1997، حيث عملت مراسلة وكاتبة في صحيفة اليوم السعودية. ثم انتقلت عام 2000 إلى إذاعة جدة لتكون مذيعة أخبار وبرامج، في نفس العام الذي تخرجت فيه من جامعة الملك عبدالعزيز. عام 2002 مثّل نقلة نوعية في مسيرتها، إذ التحقت بـ إذاعة MBC FM معدّة ومقدمة برامج، لتصبح صوتًا مألوفًا ومؤثرًا لدى المستمعين في المملكة والخليج.

هذا الانتقال السلس من الصحافة المكتوبة إلى الإذاعة جعل منها نموذجًا للإعلامية متعددة المهارات، القادرة على التكيّف مع المنصات المختلفة. ومع مرور السنوات، لم تكتفِ بالتقديم، بل طورت نفسها كمدربة في الإعلام وصانعة محتوى، لتجمع بين الممارسة المهنية ونقل الخبرة للأجيال الجديدة.

ميون… شركة ورؤية

إيمان خديجة بالتمكين لم يقف عند حدود النصيحة، بل اتخذ شكلاً مؤسسيًا حين أسست شركة ميون لتنظيم المعارض والمؤتمرات. اختارت أن تتجاوز حدود الشاشة والميكروفون، لتخلق مساحة واقعية تجمع الإعلاميين والإعلاميات والمثقفين وجهًا لوجه.

أما عن سبب التسمية، فقد اختارت خديجة اسم “ميون” لأنه يرمز إلى العصر الأكثر جذبًا، وكأنها أرادت أن يكون مشروعها منصة تحمل روح الجاذبية والتأثير، وتواكب إيقاع العصر الحديث الذي يقوم على التفاعل المباشر واللقاء الحي.

لقاء شهري… من التمكين إلى التأثير

من أبرز مبادرات شركة ميون اللقاء الشهري: “الإعلام من التمكين إلى التأثير”، وهو مساحة دورية تُقام في الرياض، تُتيح للإعلاميين والإعلاميات فرصة للتفاعل وتبادل التجارب. هذا اللقاء تحوّل إلى منصة ثرية تسعى إلى:

تمكين الإعلاميين من تطوير أدواتهم ومهاراتهم.

تعزيز دور المرأة الإعلامية في المشهد السعودي.

بناء شبكات تواصل بين الإعلاميين والمثقفين وأصحاب الرأي.

خديجة الوعل والتأهيل الإعلامي

لم يقتصر دورها على التقديم الإذاعي أو إدارة اللقاءات، بل امتد ليشمل التدريب والتأهيل. فقدّمت برامج ودورات متخصصة في المهارات الإعلامية، لتضع الإعلامية السعودية في مصاف الإعلاميات العربيات، وتؤكد أن حضورها لا يقل تأثيرًا وريادة عن أي تجربة عربية أخرى.

قدّمت خديجة دورات تدريبية في أكاديمية MBSC، كما شاركت بتقديم برامج تدريبية في معهد ثقف، إضافة إلى دورات عبر منصتها الخاصة. ومن خلال هذا التنوع في المنابر التدريبية، استطاعت أن تفتح الطريق لجيل جديد من الإعلاميات السعوديات، وتزوّدهن بالمهارات اللازمة لخوض المشهد الإعلامي باحترافية وثقة.

رسالة خديجة

تؤمن خديجة أن الإعلام ليس ترفًا، بل هو قوة مجتمعية قادرة على قيادة التغيير. ولذلك ربطت التمكين بالتأثير، وأدركت أن صناعة الكلمة لا تكتمل إلا حين تتحول إلى فعل يترك أثرًا في المجتمع.

خاتمة

بخطوات ثابتة ورؤية مؤمنة بقدرات السعوديات، مضت خديجة الوعل في طريقها لتكون رئيسة ومعلمة لكل إعلامية شابة. صنعت بفكرها مدرسة، وبشركتها منصة، وبنصائحها مستقبلًا يتسع للجميع.

وحين أتأمل رحلتها اليوم، أستعيد تلك المصادفة التي ظلّت علامة مميزة في ذاكرتي: أنها بدأت مسيرتها الإعلامية في العام نفسه الذي أبصرتُ فيه النور. منذ طفولتي كنت أستمع لبرامجها وأتأثر بما تقدمه، حتى كان لها دور في أن أختار طريقي الإعلامي. بالنسبة لي، لم تكن مجرد إعلامية ناجحة، بل قدوة وملهمة، واسمًا سيبقى حاضرًا في وجدان كل إعلامية سعودية طموحة، تحلم أن تصل، فتجد في خديجة الوعل الطريق والمثال.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى