الرياض _ روزان المطيري
من راتب شهري لا يتجاوز 4500 ريال، إلى مؤسسٍ لعدة علامات تجارية، ومالكٍ لـ 10 علامات تحمل اسمه وهويته، يحكي إبراهيم العتيبي قصته مع الطموح، والعمل الذاتي، والصعود التدريجي في عالم التجارة الإلكترونية.
في عالم يتغير بسرعة، ويقوده التحول الرقمي والتجارة الإلكترونية، تبرز قصص شباب سعوديين قرروا ألا ينتظروا الفرصة، بل يصنعوها بأنفسهم. من هؤلاء، إبراهيم العتيبي، أو كما يحب أن يلقبه أصدقاؤه “ابراهام”، رائد أعمال يؤمن بأن الشغف هو الهوية، وأن التجارة الإلكترونية ليست مجرد بيع وشراء، بل مشروع حياة.
الهوية والبداية: شغف اسمه التجارة
يقول إبراهيم: “أحب أن يعرفني الناس بالشيء الذي أنا شغوف به: تأسيس العلامات التجارية وكل ما يتعلق بالتجارة الإلكترونية.”
بدأ مشواره من نقطة بسيطة، برأس مال لا يتجاوز 4500 ريال جمعه من راتبه، مدفوعًا بإعلانات المشاهير، ومقاطع التجارة التي كانت تملأ المنصات. أنشأ أول متجر له في عام 2020، واليوم أصبح يدير عدة متاجر متنوعة تحت مظلة شركته الخاصة.
التخطيط والتأسيس: التعلّم من أجل البقاء
دخل السوق من خلال قطاع شديد المنافسة: “إكسسوارات الجوال”، لأنه قطاع استهلاكي وعالي الطلب، ولا يحتاج إلى رأس مال ضخم. اختار منصة “سلة” كبداية، ثم بدأ رحلة التعلّم الذاتي، بعد أن اصطدم بارتفاع أسعار الخدمات.
تعلّم التسويق، والتصميم، والتصوير، والمونتاج، وصناعة المحتوى، والتعليق الصوتي… كل ذلك عبر اليوتيوب والدورات المتخصصة، حتى أصبح يجيدها كلها بنفسه.
ويؤكد: “لا بد من التعلّم على يد من هو أعلم منك، لكن لا تنتظر الظروف. طوّر نفسك بيدك أولًا.”
ويضيف: “الثبات على نفس المستوى هو نفس صعوبة أول خطوة. السوق لا يرحم الركود، والمنافسة عالية، ومعايير التجارة في المملكة مرتفعة، والمستهلك السعودي ذكي جدًا… لا يرضى إلا بمنتج عالي الجودة، ولا يقبل بأي مستوى منخفض.”
التحديات والنجاحات: سخرية البدايات وثقة المستودعات
واجه في بدايته مواقف صعبة، أبرزها التسويق بأقل الإمكانيات، بل وصل الأمر إلى السخرية من مشروعه. يقول: “قال لي البعض: لا تستعجل، بتخسر، غيرك كان أشطر.”
لكنه لم يتراجع، مؤمنًا بأن لكل محاولة ثمنًا، وأن الخسارة لا تُضعف بل تُعلّم.
ولعل لحظة شعوره بالنجاح الحقيقي كانت حين استأجر مكتبه ومستودعه الخاص، وقال لنفسه: “أنا الآن على الطريق الصحيح.”
وهنا تذكّر قول الله تعالى: “وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب”، فأدرك أن التوفيق لم يُذكر في القرآن الكريم إلا في موضع واحد فقط، لأنه مرتبط بالسعي الحقيقي، وبذل الجهد، والاعتماد على الله.
فالاعتماد على الله لا يعني التراخي أو انتظار الحظ، بل هو أن تبذل ما تستطيع وتترك النتائج على الله.
وشتّان بين من يتوكّل على الله فيتحرك، ويعمل، ويخطط، وبين من يتواكل ويكتفي بالدعاء، منتظرًا أن تمطر السماء ذهبًا دون أن يخطو خطوة واحدة.
التسويق والعملاء: بناء الثقة من التيك توك
أول عميل حصل عليه جاء عبر منصة “تيك توك”، وواصل رحلته في التسويق بالمحتوى، إلى جانب الحملات الممولة على منصات التواصل الاجتماعي.
اعتمد مبدأً بسيطًا لبناء الثقة: منتج عالي الجودة، ضمان ذهبي، واسترجاع كامل في حال عدم الرضا، إلى جانب خدمة عملاء متميزة ما بعد البيع.
وعن التعليقات السلبية، يبتسم ويقول:
“أي شجرة مثمرة تُرمى بالحجر. المهم ألا تدعها توقفك. إما أن تستفيد منها كنقاط تطوير، أو تمضي في طريقك دون أن تلتفت.”
النمو والتوسع: من فكرة إلى فريق متكامل
بعد عام واحد، تحولت الفكرة إلى علامة تجارية معروفة، وأصبح له قاعدة عملاء ثابتة.
توسّع في أكثر من 10 منتجات بهويته الخاصة، ويعمل الآن مع فريق متكامل يشمل مختصين في التسويق، والتصميم، والمحتوى، والتصوير، والمونتاج.
ويؤكد:
“أجمل شعور لما أسمع اسم علامة تجارية أنا مؤسسها، والناس ما يدرون أني أنا اللي وراها.”
رؤية 2030 والمستقبل: حين تتلاقى الأحلام مع الوطن
يرى إبراهيم أن رؤيته الشخصية تنسجم تمامًا مع رؤية المملكة 2030، التي مكّنت التجارة الإلكترونية وفتحت أبواب الريادة لكل طموح.
يقول:
“بدأت ببناء مشاريعي الرقمية اعتمادًا على الابتكار، وأؤمن أن النجاح اليوم لا يحتاج إلى رأس مال ضخم، بل إلى فكرة واضحة وخطوات ذكية.”
ويضيف بفخر:
“دائمًا ما أستحضر جملة سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود: (لا يوجد مكان هنا إلا للطموحين)… هذه الجملة نبراس في طريقي، تلهمني دومًا وتسألني: لماذا لا أصعد للقمة؟ ما الذي يمنعني وأنا في وطن وفّر كل الإمكانيات والدعم؟
المملكة العربية السعودية العظمى هي أرض الناجحين. التفت من حولك… كم علامة تجارية سعت بكل جهد لتكون لها بصمة على أرض النجاح! أشعر بفخر دائم أني ابن هذا الوطن العظيم، وتحت هذه القيادة الرشيدة التي لا ترضى لشعبها إلا القمة.”
ختامًا: نصيحة لمن يبدأ من الصفر
“لا تستعجل الربح… ابنِ مشروعك طوبة طوبة، لا تيأس من أول عثرة، ولا تنتظر دعم أحد. اصنع قصتك بنفسك، فـ 80٪ من الناس يدخلون السوق ويتوقفون عند أول صدمة. الثروة لا تُصنع في يوم، ولكن الطموحين هم من يبنونها بالصبر والخطوات الثابتة.”