مقال بقلم أ .مبارك بن عوض الدوسري بعنوان (( الأثر الطيب… إرث لا يزول ))

في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتنافس فيه المنصات، تبقى بعض الرسائل خالدة ببساطتها وصدقها، وهذا ما اعتدنا عليه من الدكتور هاني عبدالوهاب عبد المنعم، الأمين العام للمنظمة الكشفية العربية، مدير الإقليم الكشفي العربي، من خلال إطلالاته المتقطعة، ولكن المثرية عبر زاويته المصوّرة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تحمل اسم “قطرة”، وفي “قطرة” الأخيرة التي جاءت بعنوان “الأثر الطيب”، قدّم الدكتور هاني نموذجاً راقياً للفكر الإيجابي الذي لا يكتفي بالتنظير، بل يُفعّل من خلال الممارسة والتأثير، تناول فيها بطريقته وعلقت على ما كتب بطريقتي من أن الأثر الباق أو الأثر الطيب هو كل قول أو فعل حسن يتركه الإنسان في محيطه، فيؤثر في الآخرين، ويحفّزهم على الخير، ويمنحهم طاقة إيجابية تستمر حتى بعد غياب صاحبها، قد يكون هذا الأثر مادياً كإنشاء مركز نافع أو دعم مشروع خيري، أو معنوياً ككلمة طيبة، أو ابتسامة، أو نصيحة صادقة، أو خلق حسن يُحتذى، وتناول في “قطرة” تلك أن هناك قيادات كشفية كان لها أثر على أناس ربما اليوم يتسنمون مناصب قيادية أو لهم تأثيرهم على المجتمع خاصة ونحن في الحركة الكشفية، نردد كثيرًا عبارة “لنترك العالم مكانًا أفضل مما وجدناه ” والتي هي رسالة وليست مجرد شعار يُرفع، بل مضمون عملي يعكس مفهوم الأثر الطيب بكل أبعاده، إذ يُنتظر من كل كشاف أن يكون مصدر إشعاع وتأثير في مجتمعه، مهما كان دوره أو موقعه، وعلقت على ذلك بقولي: “أن من أبرز ما يصنع الفارق في العمل الكشفي أن يكون القائد قدوة، فـ”الأثر القيادي” لا يُقاس بالأوامر، بل بالأفعال التي تُلهم وتُحاكي، أن ترى قائدك يُبادر، ويُحسن، ويبتسم، ويساند، فذلك درس حي لا يُنسى، بل يتكرس في شخصية المتلقي ويصبح نهجاً لحياته” ، وما أجمل أن نستحضر عند ذكر الأثر الذي لا ينقطع ، وذكر الأثر والعمل الطيب الذي لا يُمحى استحضار قول المولى عز وجل ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾ فهذا النص القرآني الجليل يُبرز أن أعمال الإنسان وآثاره مسجلة عند الله، باقية بعد موته، حاضرة في ميزانه، فكيف بمن ترك أثراً طيباً في الناس، فدعوا له، واحتفوا بذكراه، وساروا على خطاه؟ ، وأوجه من هنا رسائل للآخرين من كيف نترك أثراً طيباً فأقول لكل قائد كشفي أو أية إنسان على تلك البسيطة كن قدوة حسنة في الأخلاق والسلوك، وعليك التحدث بالخير والابتعاد عن التجريح والسلبية، ومساعدة الآخرين بكل ما تستطيع، مادياً أو معنوياً ، وانشر التفاؤل، وكن طاقة مضيئة في محيطك، وترك بصمتك في عملك، ودراستك، وعلاقاتك.
إن ترك الأثر الطيب ليس ترفاً فكرياً أو شعاراً مثالياً، بل هو استثمار حقيقي في الحياة الدنيا والآخرة، ومبادرة الدكتور هاني عبدالوهاب في طرح هذا المفهوم بأسلوب مبسّط عميق عبر “قطرة” تستحق الإشادة، بل والتفاعل معها بمثل هذه الكتابات والممارسات التي تُعيدنا إلى جوهر وجودنا: أن نُحسن، فنؤثر، فنبقى.
دمت لنا يا دكتور هاني مصدراً للإلهام… ودامت “قطراتك” نبضاً للمعنى الطيب.

مبارك بن عوض الدوسري
@mawdd3

زر الذهاب إلى الأعلى