الرياض _روزان المطيري
لم تكن المرأة السعودية يومًا غائبة عن الوعي الوطني، وإن بدت في مراحل سابقة صامتة، فإن الصمت لم يكن يومًا عجزًا، بل كان تمهيدًا لانطلاقة عظيمة.
وفي هذا العصر المتجدد، حيث يقود سموّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رؤية المملكة نحو آفاقٍ أرحب، جاء تمكين المرأة لا بوصفه مجاملة، بل إيمانًا راسخًا بأن النهوض الحقيقي لا يكتمل إلا بشراكة كاملة بين الرجل والمرأة.
ومن بين أولئك اللواتي تقدّمن الصفوف، سطعت الدكتورة إيمان بنت هبّاس المطيري، لا كاسمٍ عابر، بل كرمزٍ يُشار إليه كلما ذُكر التفوق، والجدارة، والإسهام الحقيقي في صناعة القرار.
—
الدكتورة إيمان المطيري.. من المختبر إلى المنبر
في الثاني من مايو عام 2021، جاء الأمر الملكي بتعيين الدكتورة إيمان المطيري نائبةً لوزير التجارة، مرتقية بذلك إلى واحدة من أرفع مراتب العمل التنفيذي، ولأن الجدارة لا تحتاج إلى تكرار لتُثبت نفسها، عاد الأمر الملكي في مارس 2025، ليمدّد فترة خدمتها أربع سنواتٍ أخرى، توكيدًا على أن الثقة لا تُعطى إلا لمستحقيها.
وحين أُوكل إليها تأسيس لجنة “تيسير” لتحسين بيئة الأعمال، لم يكن الأمر مجرّد مهمة إدارية، بل كان مشروعًا وطنيًا، شغلت له عقلها وقلبها، وأسّست من خلاله المركز الوطني للتنافسية، لتُضيف لبنة راسخة في جدار التحول الاقتصادي.
بين الداخل والخارج
وحين اجتمعت على طاولتها أكثر من أربعين جهة حكومية، ومدّت جسور التنسيق مع منظمات دولية كالبنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي، لم تكن تؤدي دور الوسيط، بل كانت تصنع لغة جديدة من الفهم المشترك، والتكامل المؤسسي.
الإنسان أولًا
ولأن الاستثمار الحقيقي هو في الإنسان، شاركت في تأسيس برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد الأذرع الحاسمة لرؤية المملكة 2030، لتربط بين التعليم والحياة، بين المعرفة والمهارة، بين الحلم والعمل.
خلفية علمية لا تُجارى
ليست الإدارة وحدها ما يميز الدكتورة إيمان، فهي عالمةٌ قبل أن تكون مسؤولة، تحمل دكتوراه في الكيمياء العضوية الحيوية من جامعة بريستول، وتاريخًا بحثيًا في جامعة هارفارد، وسيرةً مهنيةً في أروقة أرامكو، حيث أدارت وخطّطت وقادت، حتى صارت “الإيمان” الذي يُستشهد به.
قامة بحجم المرحلة
في وقتٍ كانت فيه المملكة تعيد رسم صورتها للعالم، كانت الدكتورة إيمان المطيري ترسم صورتها للمرأة السعودية الجديدة: القوية، المؤهلة، الحاضرة، المؤثرة.
لم تدخل المنصب لتكتفي به، بل لتحوّله إلى مساحة أثر، إلى منصةٍ تُسمع منها أصوات الوطن وهمومه وتطلعاته.
ختامًا
ليست قصة الدكتورة إيمان المطيري قصة فرد، بل قصة وطن يكتب نفسه من جديد.
وإن كانت القيادة قد اختارتها، فإنها باجتهادها وثباتها أثبتت أنها أهل لهذا الاختيار، لتكون نموذجًا يُروى في كل حديثٍ عن التمكين، وكل رواية عن النجاح، وكل خطوة نخطوها نحو الغد.