مكة المكرمة – مبارك الدوسري
وسط الأجواء الإيمانية في صحن الطواف، وبينما كان القائد الكشفي سمير بادغيش يقوم بتوزيع أفراد وحدته من فتيان الكشافة، ضمن جهود جمعية الكشافة العربية السعودية في خدمة ضيوف الرحمن، لفت انتباهه مشهد مؤثر: طفل صغير بملابس الإحرام، تتساقط دموعه وهو يقف بجوار أحد رجال الأمن وسط حشود الطائفين، ليبادر القائد سمير بالتوجه نحو الطفل فوراً، وبنظرة سريعة أدرك أن الصغير تائه، فاقترب منه، وبلطف شديد سأله عن حاله، فازداد بكاؤه، مما أكد ظنه، واكتشف أن الطفل يمني الجنسية، وقد فقد والديه أثناء الطواف قبيل صلاة العشاء، وفي تلك اللحظة، تولى القائد مسؤولية تهدئته، جالساً إلى جانبه، مطمئناً إياه بأن والديه سيجدانه قريباً.
بعد أداء صلاة العشاء، خطرت للقائد فكرة ذكية، حيث حمل الطفل برفق ووضعه على أحد الحواجز المحيطة بصحن الطواف، في مكان بارز يمكن أن يراه والده أو أحد أقاربه، ولم تمضِ سوى لحظات حتى انطلق رجل بين الجموع، تتسارع خطواته وعيناه تبحثان بلهفة، حتى وقعتا على الطفل.
كانت لحظة لا تُنسى، فقد احتضن الأب ابنه بحرارة، غير مصدق أنه وجده أخيراً، فامتزجت الدموع بين الفرح والامتنان، ولم يكن بوسعه سوى أن يلهج بالدعاء لكل من ساهم في هذه الجهود العظيمة، مقدماً شكره العميق للقائد سمير ووحدته الكشفية، الذين لم تكن مهمتهم مجرد تنظيم الحشود، بل كانت رسالة إنسانية خالدة في خدمة ضيوف الرحمن، وليتأكد له ولكل من حضر المشهد أن الكشافة السعودية في الحرم المكي ليست مجرد تنظيم وتوجيه، بل هي قلب ينبض بالعطاء، ويد تمتد بالمحبة، وعيون تسهر على راحة ضيوف بيت الله الحرام.