الرياض – مبارك الدوسري
في أروقة المسجد النبوي، حيث تتعالى أصوات الدعاء وتنبعث أجواء السكينة، يقف مجموعة من فتيان الكشافة كجنود مجهولين، عازمين على خدمة الزوار في المسجد النبوي بكل تفانٍ وإخلاص.
في إحدى الليالي الرمضانية المزدحمة، وقف الكشاف مشعل الرويثي بالقرب من إحدى البوابات يراقب الزوار والمصلين والصائمين، ليلمح رجلاً مسناً خارج الحرم يحمل حقيبة ثقيلة، تتصبب جبينه عرقًا ويبدو عليه الإرهاق، فاقترب منه بلطف وسأله: “عمي، هل تحتاج إلى مساعدة؟” وبابتسامة امتنان، أومأ الرجل برأسه، لم يتردد مشعل لحظة، فحمل المسن على العربة ومعه حقيبته وأخذ يدفع العربة حتى أوصله إلى مقر سكنه القريب، تاركًا خلفه دعوات صادقة من قلب المسن.
وعلى بعد خطوات، كان الكشاف مؤيد الهاشمي ينحني ليعين رجلاً كبيراً على ارتداء حذائه بعد الصلاة حيث كان الرجل يواجه صعوبة في ثني ظهره، فلم يكن يتوقع أن يجد شابًا يتقدم نحوه بكل أدب ليقول: “دعني أساعدك، يا والدي.” وما هي إلا لحظات حتى كان الحذاء في قدميه، ليشكر مؤيد بحرارة قائلاً: “بارك الله فيك يا بني، جعلها الله في ميزان حسناتك.”
أما فتاة الكشافة رتال صقر، فكانت عند إحدى بوابات المسجد حين رأت مصلية مسنة تتردد في عبور الطريق المزدحم بالمصلين، تتلفت يمينًا ويساراً بحثًا عن مخرج آمن، فلم تتردد لحظة، فأمسكت بيدها بلطف وقالت: “تعالي يا أمي، سأساعدك.” وعبرت بها الطريق بأمان، وقبل أن تبتعد، دعت لها قائلة: “أسأل الله أن يحفظك ويرزقك الخير.”
وفي قلب المسجد، كانت الحاجة أم فاطمة تبحث عن طريقها وسط الزحام للوصول إلى الروضة الشريفة، لكن التيه كان سيد الموقف، لمحت شابة ترتدي المنديل الكشفي، فسألتها بتردد عن الطريق، وبابتسامة واثقة، قالت فتاة الكشافة فجر المطيري: “لا تقلقي، سأوصلك إلى هناك.” وسارت معها، متجاوزة الحشود برفق، حتى أوصلتها إلى وجهتها وهي تلهج بالدعاء لها، شكرًا وامتنانًا.
هكذا هم فتيان وفتيات الكشافة في المسجد النبوي، شعلة من العطاء والتفاني، يسيرون بين المصلين كأنهم ملائكة رحمة، يزرعون البهجة والراحة في قلوب زوار مسجد المصطفى صل الله عليه وسلم.