التأسيس: لحظة الميلاد الأولى
يوم التأسيس ليس مجرد ذكرى عابرة، بل هو شهادةٌ على تاريخٍ عريقٍ صنعه رجالٌ آمنوا بوطنهم ورسّخوا جذوره في أرض الجزيرة العربية. منذ عام 1727م، عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى في الدرعية، كان الحلم السعودي يكبر، متجذرًا كالنخيل، شامخًا كجبالها، ومتدفقًا كعيون مائها، متجاوزًا التحديات ومؤمنًا بأن الوحدة والعقيدة هما الأساس الذي يُبنى عليه المجد.
لم تكن الدرعية مجرد عاصمة سياسية، بل كانت قلبًا نابضًا بالهوية السعودية، حيث اجتمع تحت رايتها رجالٌ صنعوا أولى اللبنات، ووضعوا ميثاقًا للدولة يقوم على العدل والاستقرار، وهو الأساس الذي ما زالت المملكة تسير عليه حتى اليوم.
النهضة: مسيرة الحكام وصناعة الدولة الحديثة
على مدى ثلاثة قرون، ظلّ الحلم السعودي حيًا، رغم التحديات والتحولات، حتى تحقق بأبهى صوره في 23 سبتمبر 1932م، حينما أعلن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود توحيد البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية، فاتحًا صفحةً جديدةً من الاستقرار والازدهار.
ومنذ ذلك اليوم، حمل ملوك المملكة راية البناء والتطوير، كلٌّ منهم يضيف لبنةً جديدةً في صرح الوطن:
الملك سعود بن عبدالعزيز: عزز البنية التحتية للدولة، وأولى اهتمامًا كبيرًا للتعليم والصحة، مؤسسًا لنهضة اجتماعية شاملة.
الملك فيصل بن عبدالعزيز: أرسى دعائم السياسة الخارجية القوية، وعمل على تنويع الاقتصاد الوطني، فكان عهده نقطة تحول في مكانة السعودية عالميًا.
الملك خالد بن عبدالعزيز: شهدت البلاد في عهده ازدهارًا اقتصاديًا واجتماعيًا، حيث ارتفعت معدلات التنمية وشُيّدت مشاريع كبرى.
الملك فهد بن عبدالعزيز: أطلق مرحلة التحول الحديث، حيث شهدت المملكة تطورًا في البنية التحتية، وازدهارًا في قطاع التعليم.
الملك عبدالله بن عبدالعزيز: عزّز مسيرة الإصلاحات، واهتم بتنمية الموارد البشرية والاقتصادية، واضعًا أسسًا قوية لرؤية مستقبلية واعدة.
حنكة الملك سلمان: ترسيخ الاستقرار وتعزيز التنمية
مع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم، دخلت المملكة عصرًا جديدًا من النهضة، حيث واصلت مسيرتها في بناء دولة حديثة، متقدمة، قائمة على أسسٍ راسخة من الاستقرار والتنمية.
بحنكته السياسية، عزز الملك سلمان مكانة المملكة إقليميًا ودوليًا، ووطد علاقاتها الدبلوماسية، وفتح آفاقًا واسعةً للاستثمار والتنمية المستدامة، مستندًا إلى تاريخ طويل من القيادة الحكيمة. كما قاد مشاريع عملاقة غيّرت ملامح الاقتصاد السعودي، وجعلت المملكة واحدةً من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم.
رؤية الأمير محمد بن سلمان: صناعة المستقبل بعيون الطموح
في قلب التحول السعودي، يقف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، قائد رؤية السعودية 2030، التي تمثل خارطة طريق جديدة لمستقبل أكثر إشراقًا. برؤية طموحة تستند إلى تنويع الاقتصاد، والاستثمار في التقنية والابتكار، وصناعة مدن ذكية، أصبحت المملكة اليوم نموذجًا عالميًا في التطوير والتحديث.
كان للأمير محمد بن سلمان دورٌ بارزٌ في إطلاق مشاريع كبرى مثل نيوم، والقدية، والرياض الخضراء، ومبادرة السعودية الخضراء، التي تؤكد التزام المملكة بقيادة التغيير والاستدامة، مما يجعلها في مصاف الدول المتقدمة.
ختامًا… الاحتفاء بماضٍ مجيد ومستقبل مشرق
يوم التأسيس ليس مجرد احتفال، بل هو لحظة تأملٍ في رحلةٍ بدأت قبل ثلاثمائة عام، وتجسّدت في واقعٍ تنمويٍّ مزدهر، ورؤيةٍ مستقبليةٍ واعدة. إنه تأكيدٌ على أن المملكة العربية السعودية لم تكن يومًا دولةً عابرة، بل هي قصةُ أمةٍ صاغت مجدها بيدها، ورسّخت مكانتها بين الأمم.
وفي هذا اليوم، نرفع الراية لا لأنها قطعة قماش، بل لأنها رمزٌ لوطنٍ صنع مجده، وحمى أرضه، وسار بخطى ثابتةٍ نحو المستقبل، وطنٌ لا يُشبه إلا نفسه، ولا يعرف حدودًا لطموحاته.
كل عام والمملكة بخير وإزدهار