قيل لحكيم ٍكيف يُعرف وفاء الرجل دون تجربةٍ أو اختبار قال بحنينه إلى أوطانه وتلهفه على ما مضى من زمانه. وقال الجاحظ يرحمه الله من أمارات العاقل بِره لإخوانه وحنينه لأوطانه ومُداراته لأهل زمانه.
ومن علامات الرشد أن تكون النفس إلى مولدها مشتاقة وإلى مسقط رأسها توَّاقة وحرمة بلدك عليك مثل حرمة أبويك لأن غذاءك منهما وغذاءهما من بلدك وأنت جنين لذا احفظ بلداً رباك غذاؤه وارعَ حمىً أكنك فناؤه وأولى البلدان بصبابتك إليه بلد رضعتَ ماءه وطُعمتَ غذاءه.
اذا كان الطائر يحن إلى أوكاره فالانسان أحق بالحنين الى أوطانه والحنين من رقة القلب ورقة القلب من الرعاية والرعاية من الرحمة والرحمة من كرم الفطرة وكرم الفطرة من طهارة الروح.
عسرك في دارك اعز لك من يسرك في غربتك وفطرة الرجل معجونة بحب الوطن.
قال ابن الزبير رضي الله عنه لو قنع الناس بأرزاقهم قناعتهم بأوطانهم ما اشتكى عبدٌ رزقاً.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عَمَرَ الله البلدان بحب الأوطان وكان يقال لولا حب الناس الأوطان لخسرت البلدان وأكرم الابل أشدها حنيناً إلى أوطانها وفي المثل يقال الغربة كربة والقلّة ذلّة.