مُجسّم “سرعة جنونية”.. تحفة فنية تتنازل عن موقعها لصالح “حلبة كورنيش جدة”

امتدادًا لمسيرة التطوير الحضري والمعماري التي تشهدها محافظة جدة، غادر مُجسّم “سرعة جنونية” موقعه البارز في الكورنيش الشمالي بعد 38 عامًا من إنشائه، مُفسحًا المجال أمام حلبة كورنيش جدة، التي باتت اليوم أسرع وأطول حلبات الفورمولا1 على مستوى العالم.
ويُعد المُجسّم الذي صممه الفنان الإسباني الشهير خوليو لافونتي في ثمانينات القرن الماضي, من أبرز المعالم الفنية التي التصقت بذاكرة سكان جدة وزوارها، وشكّل نقطة جذب فوتوغرافية ومرآة تعبيرية تحتفي بجماليات الفن المعاصر، ويُنبه بخطابه البصري الساخر إلى خطورة التهور في القيادة, حيث تجسّد في كتلة خرسانية بيضاء تنبعث منها خمس سيارات متداخلة، وكأنها اصطدمت بجدار صامت يرمز إلى نهاية مؤلمة نتيجة السرعة المفرطة.
وأوضح المتحدث الرسمي لأمانة محافظة جدة محمد البقمي أن قرار نقل المجسم إلى موقعه الجديد على شارع الأمير فيصل بن فهد، جاء ضمن خطة شاملة لتطوير الواجهة البحرية وتخصيص المساحات الإستراتيجية لإقامة الفعاليات الرياضية العالمية، وذلك بعد اقتراح قدمه معالي أمين محافظة جدة الأستاذ صالح التركي لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن تركي بن فيصل وزير الرياضة، للاستفادة من الجزء غير المطور على الكورنيش الشمالي.
وبين أن المشاريع التي نفذتها أمانة جدة في منطقة “فورمولا1” والشوارع المؤدية إليها، تضمنت تطوير 40 طريقًا بإجمالي 46 كيلومترًا، مقسمة على 7 مناطق رئيسة، مشيرًا إلى استمرار الأعمال بشكل دوري استعدادًا لأي محفل من المحافل الرياضية التي تستضيفها “حلبة كورنيش جدة”.
وقال: “يصل إجمالي مساحة النطاق المطوّر بالكامل إلى 1.247.200 متر مربع، إضافة إلى 28.7 كيلومترًا طُورت لمسار الدراجات، فيما تضمنت عناصر نطاق التطوير الأخرى، مسارات مشاة، ومسطحات خضراء وتشجير، إلى جانب تنظيم الحركة المرورية، بهدف تحسين المشهد الحضري، ورفع مستوى السلامة المرورية والكفاءة التشغيلية لشبكة الطرق، وتسهيل حركة المشاة وتقليل الحاجة لاستخدام السيارات”.
ويعود سباق جائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا1 إلى جدة في نسخته الخامسة خلال العام 2025، ضمن رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى ترسيخ مكانة المملكة محورًا عالميًا للرياضة والثقافة والترفيه، وتوفير بيئة حضرية تنبض بالحياة وتلبي تطلعات السكان والزوار.
ويمثل مُجسّم “سرعة جنونية” واحدًا من أكثر من ثلاثين عملًا فنيًا قدّمه الفنان الإسباني خوليو لافونتي خلال فترة عمله في جدة منذ منتصف السبعينات، التي شملت أيضًا مجسم “الآية”، ودوار الدراجة، ودوار الكرة الأرضية، وسلسلة من النوافير والحدائق التي أضفت بعدًا جماليًا على المدينة.
يُذكر أن هذا المُجسّم أثبت على مدى عقود, قدرته على الجمع بين الجاذبية البصرية والرسالة الاجتماعية، ليبقى شاهدًا على مرحلة مهمة من تاريخ جدة الحضري، ويواصل رسالته اليوم من موقعه الجديد، بذاكرة لا تنسى، وجمال لا يغيب.

زر الذهاب إلى الأعلى