أحل الله للناس الطيبات من الطعام والشراب واللباس، وأكّد الله عز وجل على ضرورة عدم التبذير والإسراف، خاصة في يوم العيد، حتّى يتسنى للناس عيش المعنى الحقيقي للعيد، وشكر الله سبحانه وتعالى على نعمه التي أنعم علينا بها، وتوفيقه لنا في إكمال صيام شهر رمضان المبارك، فعيد الفطر تكافل وتعاون، وتراحم بين الجميع، وتجاوز عن جميع الخلافات، وارتقاء روحي مع الله، وتنبيه للغافلين عن مظاهر الحياة اليومية، وعالم الماديات، ويفترض من كل مسلم الانغماس بالحياة الإسلامية، فالإنسان المسلم يحتاج إلى هذه الاستراحة في محطة الإيمان والإحسان الرمضانية بعد صوم شهر رمضان المبارك كاملاً، فاقتصاديات العيد تعني إدامة الفرح والسرور، ولا تعني التبذير والإسراف، ففي يوم العيد تبذل الصدقات لمساعدة الفقراء والمساكين والضعفاء والمحتاجين.
كما يجب التوسع في أعمال الخير، وصلة الأرحام وبرّهم، والتراحم والتعاون معهم، والتكافل بين الأهل والأقارب والأصدقاء لتتقارب القلوب على الودّ، ويجتمع الناس بعد افتراق، وتعم الفرحة والسعادة الدائمة على الجميع، خاصة الأطفال الصغار بحصولهم على هدايا العيد، وإخراج زكاة الفطر، حيث إن أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على أخيك المسلم، وإدخال الفرح على أهلنا وأبنائنا، وأقربائنا وأصدقائنا، ومن حولنا من الفقراء والمساكين والمحتاجين، فأعيادنا دائماً تعبر عنا في الدين الاسلامي، من خلال العمل والعطاء المادي، وجعل الأبناء يشاركون في توصيل زكاة الفطر لمستحقيها، وجعل يوم العيد يوم فرحة وسرور على الجميع، فالإسلام يهدف إلى تحقيق المحبة بين الناس، والاعتدال في النفقات، والمصروفات، وترشيد الاستهلاك.
كما يفترض تجنّب الإسراف والتبذير، حيث يدعو الإسلام إلى الاعتدال والاقتصاد في النفقة، خاصة في الطعام والشراب واللباس، فشراء المواد الغذائية الكثيرة، وملابس العيد الجديدة، يمثل عبئًا كبيرًا على رب الأسرة، فهناك فقراء ومحتاجون لا يستطيعون شراء حاجاتهم مع وجود إسراف وتبذير من بعض الأسر الغنية، فالتبذير والإسراف قد يقودان إلى تراكم الديون على الفرد وعلى رب الأسرة.
فإعداد أطعمة كثيرة بشكل يزيد على حاجة الفرد والأسرة والمجتمع، ومن ثَمّ يُرمى معظمها في صناديق النفايات نظرًا لاكتفاء الناس بالقليل من الطعام والشراب، لذا يجب على جميع أفراد الأسرة والمجتمع الالتزام بالسلوك الاقتصادي الإسلامي الحسن، باعتباره جزءًا من سلوك المسلم المعتدل، ومن ذلك الاعتدال في النفقة، وعدم الإسراف في المصروفات، والتخطيط السليم لميزانية الأسرة.
إن نمو الاقتصاد الوطني يعتمد على صلاح الفرد والأسرة والمجتمع، لذا يجب علينا كمواطنين أن يكون لدينا حسن إدارة وتدبير، وتوظيف أمثل لمواردنا المالية، وعدم التبذير والإسراف، والإنفاق على قدر ما نحتاجه باتزان.
جعل الله أعيادكم فرحاً وسروراً، وتعاوناً وتكافلاً، وعيدكم مبارك، وعساكم من عوّاده، وتقبّل الله طاعات الجميع، وندعو الله أن يمنحنا الصحة والعافية والسعادة الدائمة