أخر الأخبار

نحو رعاية شاملة للأيتام

رشاد اسكندراني

بداية يبرز تساؤل مهم هل قمنا كمجتمع بتنفيذ التوجيه الكريم {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} هذا التوجيه الرباني لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن لا تسيء معاملة اليتيم، ولا يضيق صدرك عليه، ولا تنهره، بل أكرمه، وأعطه ما تيسر، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك.

يشير تقرير صدر عن “ملتقى أسبار” تحت عنوان ” الأيتام في المملكة: بعض الحقائق والأرقام” إلى أن الأيتام لديهم حقوق وطنية من ألوان تُكفل لهم كأفراد في المجتمع، وفي المقابل عليهم واجبات يمكنهم من خلالها المساهمة في تنمية بلادهم، وهذا ما يدعو إلى ضرورة إعداد البرامج والآليات المناسبة لتهيئة الأيتام للاندماج في المجتمع بشكل سليم، ومراعاة الجوانب الاجتماعية والنفسية والتربوية المتعلقة برعاية الأيتام داخل الدور والمؤسسات الاجتماعية، باعتبار رعايتهم واجبًا دينيًا وإنسانيًا يجسد المسؤولية الاجتماعية والتكافل بين أفراد المجتمع.

ووفقا للتقرير فقد تأسست أول دار لرعاية الأيتام في المملكة في المدينة المنورة، في عام 1934م (1352هـ). بعد ذلك، تم افتتاح دار للأيتام في مكة المكرمة عام 1936م (1355هـ)، تلتها دار الأيتام في الرياض عام 1938م (1357هـ). وكانت هذه الدور الثلاث جهودًا أهلية في البداية.

أما بالنسبة للفتيات اليتيمات، فكانت دار الحنان في جدة أول من اعتنى بهن عند تأسيسها عام 1955م (1375هـ). كما تأسست “مبرة الكريمات” في الرياض عام 1956م (1376هـ) لتكون جهة حاضنة لليتيمات وتعليمهن إلى جانب فتيات أخريات، وفي وقت لاحق وإلى يومنها هذا تحولت رعاية الأيتام في المملكة لتصبح تحت المظلة الرسمية لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية (وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية).

وتبقى المعاناة العاطفية التي يواجهها الأيتام جراء فقدانهم للوالدين الحقيقيين، وشعورهم بالرفض والنبذ بسبب ظروفهم الاجتماعية، أبرز المشكلات، ويشير التقرير إلى أن البرامج النفسية والاجتماعية قد لا تكون مجدية مع بعض الأيتام، وذلك لافتقادهم للدعم العاطفي اللازم.

ومن هنا تأتي أهمية الاختيار السليم للعاملين في مجال رعاية الأيتام، وتأهيلهم للتعامل مع الجوانب العاطفية والنفسية لهذه الفئة في مختلف المراحل العمرية. وتوفير بيئة آمنة وداعمة للأيتام تساعدهم على تجاوز صدمات الماضي والنظر بتفاؤل إلى المستقبل.

يخلص تقرير “ملتقى أسبار” إلى مجموعة من التوصيات لمعالجة قضايا الأيتام في المملكة، بما في ذلك، الرفع لصناع القرار بطلب إعادة النظر في دمج وزارة العمل والتنمية الاجتماعية مع وزارة الموارد البشرية؛ للتركيز على قضايا الفئات الاجتماعية، إنشاء هيئة مستقلة للأيتام لتوحيد آلية المتابعة والخطط والبرامج، إضافة إلى إعادة النظر في الأنظمة التي تهتم بحقوق وحماية الأيتام، بناء معايير جودة الأداء في مؤسسات رعاية الأيتام ومجهولي الوالدين، إعداد وتأهيل الكوادر العاملة في دور الأيتام من خلال التدريب المكثف.

زر الذهاب إلى الأعلى