وضعت الشريعة الإسلامية الأسس العامة لترشيد الاستهلاك، وتنظيم ميزانية الفرد، والأسرة والمجتمع ولكن نجد أن الإسراف، والتبذير يزداد في شهر رمضان الفضيل، وتتجه بعض الأسر إلى الترف وإعداد الولائم المكلفة، حيث يتسابق عليها بعض الأسر مع بداية شهر رمضان الكريم معتقدين أن الإسراف، والتبذير في إعداد الولائم دليل على الكرم.
وتكثر حركة التسوق في الأسواق التجارية في الشهر الكريم، ويلاحظ المراقب، وجود سلوك استهلاكي كبير من بعض الافراد، والأسر ينافي مضامين هذا الشهر الفضيل، وتحقيق الاعتدال في كل شيء وخاصة في النفقات، وترشيد الاستهلاك في الطعام والشراب، حيث سيكون له آثار سلبية على المجتمع والاقتصاد الوطني.
فتبذير الأموال، وإضاعتها في شراء الطعام، والشراب يعتبر خسارة فادحة على الفرد، والأسرة والمجتمع والاقتصاد الوطني، وقد يقود إلى تراكم الديون على الفرد، ورب الأسرة، والقاعدة الاقتصادية للإنفاق تعتمد على ثقافة الفرد، والأسرة بوجود القدوة الحسنة لغرس المفاهيم والعادات، والقيم الخاصة بترشيد الاستهلاك في الشهر الكريم.
كما أن عدم التبذير، والإسراف يعتبر من المضمون الإسلامية، والاهتمام بالصدقة، وإطعام المساكين وتفريج كربة المعوزين في تحقيق جوهر الشهر الكريم، والذي يقوم على التعاون، والشعور بالآخر، فإذا اعتاد الإنسان من صغره على ترشيد الاستهلاك، وعدم الإسراف سينعكس ذلك إيجاباً على حياته المستقبلية، بالتوفير والادخار.
ويصبح قادرًا على تحديد خياراته في الشهر الكريم بشكل أفضل من غيره، أما إذا اعتاد على عكس ذلك سيتضرر دخله، وميزانيته مستقبلاً، حيث إن تربية أفراد الأسرة، والمجتمع على ترشيد الاستهلاك وعدم الإسراف، وعلى السلوكيات الاقتصادية الإسلامية المعتدلة ستقود إلى إعداد أفراد أسرة، ومجتمع قادر على إدارة اقتصادهم بنفسهم.
فسلوكيات التبذير، والإسراف خاطئة، وغير مقبولة، وخاصة في هذا الشهر الكريم، ولعل ما يثير الاهتمام هو عدم اقتصار ظاهرة الإسراف، والتبذير على الطبقات الغنية في المجتمع بل تمتدّ لتشمل الطبقة الوسطى، وحتى الفقيرة منها، وتشير الدراسات أن ما يلقى، ويتلف من مواد غذائية، ويوضع في صناديق النفايات تزيد نسبته عن 50%.
وسبب هذه الظاهرة هو إعداد أطعمة تزيد عن حاجة الفرد، والأسرة والمجتمع، وبالتالي فإن معظمها يرمى بالنفايات نظرًا لاكتفاء الناس بالقليل من الطعام والشراب، لذا يجب على جميع أفراد الأسرة والمجتمع الالتزام بالسلوك الاقتصادي الإسلامي الحسن باعتباره جزءاً من سلوك المسلم، والاعتدال في النفقة، والتخطيط السليم لميزانية الفرد، والأسرة والمجتمع.
كما يجب علينا كمواطنين أن يكون لدينا حسن إدارة، وتدبير في الاستهلاك، وعدم التبذير، والإسراف في الشهر الكريم، وأن نتحمل جزءاً من المسؤولية، فالديون تتضاعف علينا بسبب الإسراف، والتبذير وعدم الاعتدال في الطعام والشرب، فالمواطن بوعيه قادر على الاعتدال، وترشيد الاستهلاك، ومنع الإسراف والتبذير، وكل عام وأنتم بخير.