سعود العبدالله الشلهوب .. النفع والسكينة فراشه والغطاء

بقلم / فهد بن أحمد الصالح

 

لله أفراد وجماعات وأشخاص وأسر يُنزل الله سبحانه وتعالى محبتهم في نفوس الناس ويجعل لهم القبول وتحسب أنهم من محبتك لهم وصدقهم معك قريبين إليك ، ومن بين العديد من الأسر في المجمعة تبرز أسرة الشلهوب (الاجداد والأباء والأبناء) ويجمع كل الأهالي على تميزهم وطيب جوارهم وحسن صحبتهم وصدق تواصلهم والأمان في معشرهم ونقاء سريرتهم والنفع في سيرتهم ومسيرتهم.

كذلك هناك رجال يجمع الناس على محبتهم وتأكيد نفعهم وإيجابيتهم في مجتمعهم والحضور المثمر في كل مناسبة والأثر الجميل الذي زرعوه في الناس وللناس وأصبحوا رموزاً في المدينة ومضرب مثل في غيرها، وبعض تفاصيل الأحداث تُعرف بهم ، ولهم مشاهد بكل المراصد ، وبقيت السمعة الحسنة والذكر الطيب لهم يتردد ويتجدد حتى ولو غادروا المشهد الذي عُرفوا فيه إلى غيره أو أخذوا راحة بعد عناء منه .

ويأتي في مقدمة المشهد الشخصي والمجتمعي الصديق النبيل والأخ الغالي / سعود العبدالله الشلهوب وهو الرجل المسكون بالهدوء والطمأنينة وصاحب الابتسامة الصادقة، رجل قريب إلى النفس ومع كل نفس، حميميته خُلقت له وتميز بها وكذلك ابتسامته الدائمة، أصيب بعارض صحي شفاه الله بفضله منه ولجت على أثره المحافظة كلها والوسط الرياضي يسألون عنه ويتابعون حالته، وكان هو الفرق في انشغال الناس بوضعه الصحي ورُفعت الأكف في كل الأوقات بالدعوات الصادقات بدوام عافيته واستقرار صحته وزوال العارض المرضي عنه.

سعود الشلهوب في جهده وجهاده الشبابي والرياضي المرتبط بنادي الفيحاء وكل مناسبات المجمعة هو إستمرار لإيجابية من سبقه من الأعلام وكان معهم فيما سطروا من إنجازات ، وكذلك من أتوا بعده وكانوا إمتداداً لما قدم في التميز ، وقد عُرف النادي في وقته وما بعده بلقب ” صائد الكبار” وله في ذلك نشاط لا يعرف الكلل وعطاء لا يخالطه الملل وإصرار وتفاني لا ترى فيه الزلل ، والأخ سعود كان صاحب مشاركة في كل مناسبه شبابية وصاحب صلة وعلاقة مع كل شخصية إيجابية يدرك أن من وراء التواصل معها بذل وعطاء للنادي وتحفيز له ثم تعزيز لمكانته الرياضية في وسط لا يعرف إلا القوة والإستعداد ، والأمر الذي يستحق الإشادة والإبراز دورة التربوي والإداري المميز في المعهد الصحي بالمجمعة وما تعلق الدفعات الطلابية التي واكبت وجوده به وإستمرار تواصلهم معه إلا لدليل على تفرده ، ثم ختم حياته العملية الرسمية بحسن إدارته لمجمع الوالد عبدالعزيز التويجري التعليمي ونجاحه في رسالته التربوية لجميع المراحل وتميزه الإداري وقيادة فريق العمل التربوي فيه .

وللأخ سعود الشلهوب قصص نجاح من الوفاء وصدق العلاقة ونُبل التواصل مع رجالات المجمعة وشبابها وخارح المحافظة وهي كثيرة جداً تتناقلها المجالس عنه برغبة صناعة قدوات وقامات ، إلا أن صداقته الحميمية جداً وعلاقة الوفاء التي بينه وبين إبن العم والأخ والصديق عبدالرحمن العبدالله الصالح تستحق الوقوف عندها وكان ختامها طلبه المشاركة في تغسيله وتجهيز جنازته رحمة الله عليه ، وقبلها حديثه المستمر عن “أبوعبدالله” وأن الكتابة عنه فرض عين على كل قادر وواجب عليه وليس مستحب ، ولو أن ما كُتب عنه كما يقول لا يعكس القليل من الفضل والإيجابية والصدق والقيام على المساكين والأرامل والأيتام ونفع الناس دون تحديد وزيارة المرضى وسداد الديون وقضاء اللزوم الى غير ذلك من الخصال المباركة التي كانت تميزه عن غيره وتبرز خيريته.

والأخ سعود هو من قال أن عبدالرحمن الصالح “صديق الفقراء” وعلاقتهما تجاوزت نصف قرن من الزمان على صدق محبة ونبل علاقة وإحترام متبادل وعنايتهم ببعضهما وإهتمامهم بأدق التفاصيل على الأسرة والأبناء وكأنهما أشقاء وليس أصدقاء فقط ، وكان إبن العم عبدالرحمن يحدثنا عن الصديق سعود حديث الواثق منه والمطمئن له والمراهن عليه وهذه علاقة بين الأصدقاء إذا حلت تحل بركتها ، ويقول الأخ سعود إن عظم الفقد في الأخ عبدالرحمن الصالح رحمه الله ليس على أهله وأسرته بل على المجمعة وأهلها وبكل تفاصيلها ، ويرى الصديق في الصديق المثالية الفاخرة التي ينشدها الناس والقدوة التربوية التي تتطلع لها وتتمناها الأسر مع التواصل اللطيف الذي ينشده المجتمع الصغير والكبير “ما أجملها من علاقة” .

 

خصال اللطف والصدق يبدوء أنها ولدت مع الأخ سعود ولم يتعلمها ، وأستشهد على ذلك بقصة تجاوزت ال 40 عاماً وكنت في معيته في رحلة على سيارته الخاصة لمنطقة عسير وكان معنا في الرحلة مجموعة من الأصدقاء الفضلاء (عبدالله اليوسف وأحمد اليوسف ومحمد الهداب وأحمد المحارب وأخي الغالي د.شاكر) وسمعنا عن أمسية شعرية ضمن البرنامج السياحي يحييها د.زاهر الألمعي وبحضور سمو أمير المنطقة خالد الفيصل وإتفقنا على حضورها ، وبالفعل ذهبنا وبدأت بكلمه لرئيس نادي أبها الأدبي وبكلام بليغ للغاية تمنيت حينها أن الكلام لي ، وتقدمت قليلاً لمشاهدة سمو الأمير والذي لا زال إعجابي به حتى هذه اللحظة ، وشاهدت بقربه الغالي إبن العم د.ناصر بن عثمان الصالح رحمه الله وهو زميل دراسة وصديق لسمو الأمير ، وأضمرت في نفسي عدم تفويت الفرصة في السلام عليهما وأبلغت الأخ سعود “مدير الرحلة” وقال رح سلم عليهم وننتظرك ، وبالفعل هذا ما حصل ولكن تغيرت الترتيبات وفرح إبن العم بوجودي وقال لسمو الأمير هذا إبن العم فهد أتىٰ من المجمعة ومعه زملائه للمصيف هنا ، ودار حوار بيني وبين سموه عن المشاهدات والمرئيات وأثنيت على التجهيزات والترتيبات وتهيئة الأماكن والمتنزهات وفرح سموه بما سمعه مني ، ثم أمسكا بيدي وذهبوا بي معهم للعشاء المعد للمناسبة ، ولا أستطيع رفض الصحبة الكريمة وكذلك من الصعوبة أن أدعوهم أحبتي معي ، وقال إبن العم د.ناصر لا تقلق يوصلك السواق لأننا تأخرنا وبالتأكيد قد ذهبوا ، وعندما وصلت لمكان المخيم كان الأخ سعود ينتظرني في الخارج وقال تراهم زعلانين عليك مرة لكن قل لهم الأمير رفض مغادرتي الا بعد العشاء وأنا أبساعدك وهذا ماتم بالفعل وبقيت فزعة الصديق سعود الكريمة عالقة في ذهني طيلة الفترة الماضية وهذا خلق كريم له .

 

ختاماً ،، الحديث عن النماذج الفاضلة وهي بيننا خير من الحديث عنها عند مغادرتنا بعد عمر طويل وحسن عمل وطيب ختام ، فبالحديث عنهم نبُرز لهم الامتنان والتقدير والثناء والشكر على ما قدموا لنا ونظهر لهم صلاح ما زرعوا فينا من سلوك حميد ومكارم أخلاق ، ثم نجعل منهم وأمثالهم قدوات للأجيال ، ونصنع من خلال مسيرتهم وسيرتهم نماذج أخرى مشرفة للمستقبل ونتوارث بهذا المسلك الفاضل  الفضيلة ونعززها في نفوس النشء خاصةً فهم عماد المستقبل ويحتاجون دليل صادق ومرشد عملي وليس نظري ، والأخ الصديق سعود الشلهوب يستحق تسليط الضوء مجتمعياً عليه ممن عرفوه وزاملوه وعملوا معه في السلك الوظيفي أو في نادي الفيحاء أو في المجال الخيري الذي له فيه أيادي بيضاء ودعم للمحتاجين ومساندة لجمعيات المجمعة المتنوعة ، وهو ولا نزكي على الله أحد من (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) ، كذلك هو وأسرته اليوم وقبل ذلك واجهة مشرفة للمحافظة من خلال ديوانيتهم التراثية الجميلة واستقبال الأهالي والضيوف القادمين للمجمعة بشكل مستمر ، والكرم خصلة لا شك من مكارم الأخلاق تميزهم وتميز أغلب الأسر بفضل الله ، وأصبحت الأسر اليوم في المجمعة وغيرها يتنافسون في تأهيل منازل الأباء والأجداد بعبق الماضي الجميل وأصالته والعادات الكريمة السائدة حينذاك والتقاليد الكريمة التي توارثتها الأجيال جيل بعد جيل .

 

زر الذهاب إلى الأعلى