الرياض : زبيدة حمادنة
أحيت جمهورية أذربيجان الديمقراطية في يوم 12 ديسمبر الجاري , ذكرى وفاة زعيمها الوطني حيدر علييف ، والذي دخل التاريخ بوصفه الأب المؤسس لدولة أذربيجان المستقلّة.
وفي الوقت نفسه، تم إعلان عام 2023 ” عام حيدر علييف” من أجل احتفال بالذكرى المئوية لميلاد القائد الراحل على المستوى الدولي، بموجب المرسوم الصادر عن رئيس جمهورية أذربيجان السيد إلهام علييف.
ومهما تحدثنا عن مسيرة الحياة المشرفة للقائد حيدرعلييف الذي دخل التاريخ كمؤسس لدولة أذربيجان المستقلة سياسي عبقري وشخصية عظيمة، خدماته للوطن الأم والقيادة الجديرة بالأهتمام لأذربيجان خلال فترة الاستقلال.
لقد أثبت تاريخ العالم أن قوة العباقرة وذكائهم وشجاعتهم وإرادتهم السياسية وحكمتهم، لها دور لا يمكن الاستغناء عنه في حياة الشعب الذي ينتمون إليه والدولة التي أنشؤوها. ومن بين هذه الشخصيات يحتل القائد حيدر علييف، مؤسس دولة أذربيجان المستقلة الحديثة مكانة خاصة.
حيث عزّز الزعيم الوطني حيدر علييف هيبة البلاد بسياسته الداخلية والخارجية الحكيمة خلال السنوات التي قادها فيها، وضمن تطوّر جمهورية أذربيجان في مختلف الاتجاهات نتيجة الإصلاحات التي تمّ تنفيذها داخل البلد وجعل استقلالها أبدياً ولا رجعة فيه.
إن إنجازات حيدر علييف هي التي جعلته يحتل مكانةً متميزة في قلوب الأذربيجانيين، حيث يعود الفضل إليه في تأسيس دولة أذربيجان الحديثة، واعتماد دستور الدولة المستقلة، وأخذ الدولة مكانها الصحيح في العالم، وإعلان العلم الوطني لأذربيجان – العلم ثلاثي الألوان علماً رسمياً للدولة .
لقد لعب حيدر علييف دوراً محورياً في تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات، وتميزت هذه العلاقات بالتزامٍ بالتعاون والتفاهم المتبادلين خلال قيادته .
كما جمعت حيدر علييف، القائد الوطني لأذربيجان، والمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الأب المؤسس وأول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، صداقة قوية وشخصية ساهمت بشكل كبير في تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين بلديهما. كما أنّ العلاقة الشخصية بين هذين الزعيمين ذوي الرؤية الثاقبة، اتّسمت بالاحترام المتبادل والثقة والالتزام المشترك بتعزيز التعاون.
لقد أدرك حيدر علييف الأهمية الاستراتيجية لبناء تحالفات قوية مع دول الشرق الأوسط، وبرزت دولة الإمارات العربية المتحدة بوصفها أبرز الشركاء في هذا المسعى. انخرط قادة البلدين في حوارات دبلوماسية، سعياً إلى أرضية مشتركة في مجالات مثل التجارة والطاقة والتبادل الثقافي.
وضعت قيادة حيدر علييف الأساس لعلاقة إيجابية ودائمة بين أذربيجان والإمارات، مما ساهم في تطوير شبكة أوسع من الروابط الدبلوماسية والاقتصادية في المنطقة.
لقد ترك حيدر علييف بحكمته علامة عميقة في تاريخ أذربيجان. حيث رفع صوت الحق في اللحظات الصعبة التي عايشها الشعب الأذربيجان. وكذلك اتهم القيادة السوفيتية وترك صفوف الحزب الشيوعي، حيث وقف القائد العظيم حيدر علييف إلى جانب شعبه
خلال مأساة 20 يناير وظهرت صفته القيادية الحقيقية من خلال إدانة هذه الجريمة التي ارتكبتها القيادة السوفيتية.
لقد واجهت أذربيجان وضعًا صعبًا بعد أن استعادت استقلالها عام 1991، لا سيما خلال أزمة السلطة في الفترة 1991-1993 التي كادت تقود البلاد إلى حالة الحرب الأهلية، ومحاولة أرمينيا استغلال هذا الوضع لتقسيم أذربيجان وتحديد استقلالها، ونتيجة للعدوان العسكري الذي شنّته أرمينيا على أذربيجان وسياسة التطهير العرقي ضد الشعب، تمّ احتلال20 في المائة من أراضي أذربيجان – منطقة ناغورنو كاراباغ وسبع مناطق محيطة بها، وأصبح أكثر من مليون شخص من مواطني أذربيجان لاجئين ومشردين داخل بلادهم .
إنقاذ أذربيجان من الكارثة !
مع عودة حيدر علييف إلى السلطة بإصرار من الشعب الأذربيجاني في 15من يونيو 1993، تمّ إنقاذ الدولة من تلك الكارثة، وبفضل حكمته وخبرته السياسية الغنية، وحنكته التفاوضية البارعة، وتصميمه الذي لا يتزعزع، تمّ التوصل إلى هدنة يشأن نزاع ناغورنو قاراباغ مع أرمينيا، ودخل البلد مرحلة جديدة من التطور. وقد قدّر شعب أذربيجان بدوره كل ذلك وخلّده كقائد عام للأمة. حيث لجأ إليه شعب أذربيجان في أصعب الأوقات ودعاه لتولي السلطة وبعد ذلك بدأت فترة الاستقرار والتطور في أذربيجان.
إن الخدمات القيمة التي قدمها رجل الدولة البارز حيدر علييف، والتي غطت فترة تزيد على 30عاماً، خلقت إرثاً في سجلات الدولة .
ويتواصل المسار السياسي للزعيم الوطني حيدر علييف، بنجاح من قبل الرئيس إلهام علييف. ونتيجة لسياسته الداخلية والخارجية الناجحة، أصبحت أذربيجان دولة رائدة في المنطقة. فالنموذج الأذربيجاني والمسار السياسي لبناء الدولة القانونية، الذي أسسه القائد الراحل، والاصلاحات المُنفّذة لضمان التقدم المستمر، يتابعها بنجاح رئيس أذربيجان إلهام علييف.
يُذكر أنّ حيدر علييف قد لعب دوراً في تعزيز الوجه الحديث لأذربيجان، وإكسابها مكانةً جيدة في نظام العلاقات الدولية. وتمحورت مهمته الرئيسية حول حلّ النزاع الأرميني -الأذربيجاني على أساس قواعد مبادئ القانون الدولي. فحشد كل موارد البلاد من أجل استعادة العدالة للدولة.
إن دولة أذربيجان القوية، وهي تحفة القائد العظيم، قادرة على حماية سيادتها واستقلالها. لقد أثبت ذلك من خلال تحقيق نصر مجيد في الحرب التي استمرت 44 يوماً، لذا فإن أذربيجان المستقلة هي إرث القائد العظيم للأجيال الحالية والمستقبلية. كما أن تراثها الغني والمتعدد الأوجه هو ثروة وطنية لشعب أذربيجان.
لقد ترك حيدر علييف علامات لا تمحى في سجلات الدولة. لقد كان دائماً فخوراً بكونه أذربيجاني. ويتمّ الاعتراف به كرمز لأذربيجان في جميع أنحاء العالم. وشعب أذربيجان يعتزّ دائماً بذكراه ويذكره بامتنان. ويتمّ الاحتفال بيوم عودته إلى السلطة باعتباره العيد الوطني لجمهورية أذربيجان – يوم التحرير الوطني. إن الحفاظ على هذا التراث المقدس واجب مُشرّف لكل أذربيجاني.